1 يونيو، 2020
الحوار الجزائرية
أراء مساهمات

حديث الحراش -الحلقة 17- : كيف أقسم يومي

حديث الحراش
بقلم: أ.هشام موفق مداد

الحلقة 17: كيف أقسم يومي؟
— “نعم.. التطبيق هو أهم شيء، فلا معنى لفكرة تتلقاها نظريا ثم لا تطبقها، فمن علم أمرا ولم يعمل به، فهو لا يعلم شيئا” قال الشيخ..
– “نعم نعم.. أتفق معك تماما” تفاعل مراد وقد تجاوزا مسجد الحي نزولا إلى الطريق الرئيسية، إلى حيث يقابلهم المدخل الفرعي للمدرسة التطبيقية للعتاد..
مد الشاب يده إلى جيبه مخرجا منديلا ورقيا وأخذ يمسح قطرات عرق على جبينه وأسفل تجويف عينيه عند حدود الكمامة، قبل أن يسأل:
“عرفت الآن ماذا أعمل صباحا عند الاستيقاظ، ولكن كيف أقسم يومي الحاج؟”
— “سؤال جيد.. هل تذكر العادة الثالثة لعادات النصر الشخصي؟” سأله العجوز..
– “لحظة فقط”، أجاب مراد وهو يرجع المنديل بسرعة لجيبه ويقلب ورقات كناشه للخلف..
– “نعم.. عادة البدء بالأهم قبل المهم.. يعني إدارة الأولويات” أجاب الشاب
— “تماما.. إدارة الأولويات أو إدارة الوقت” أردف الشيخ قبل أن يضيف “هل تعرف مصفوفة أيزنهاور؟”..
– “لا”
— “معليش.. خذ ورقة جديدة واقسمها إلى أربعة مربعات، واكتب في المربع الأول “هام وعاجل”، وفي المربع على يساره “هام غير عاجل”، وأسفل المربع الأول “غير هام وعاجل”، والمربع الأخير “غير هام وغير عاجل”..
– “طيب.. فعلت”..
— “كل أحداث يومك تدخل ضمن إحدى هذه المربعات، وتحتاج أن تطور مهارتك في الحكم على هذا الحدث من حيث معياري العاجل والهام”..
– “يبدو الأمر مساعدا جدا في تقسيم أحداث اليوم”، علق مراد وقد وصلا إلى مدخل حي 11 ديسمبر..
توقف الشيخ وسأل مرادا “من أين تريدنا أن نرجع لسياراتنا: من هذه الطريق أم نكمل على الرئيسية هذه؟”
– “لا فرق عندي، لكن ما الذي يميز هذه عن الأخرى؟” استفسر مراد
— “هذه طريق مختصرة تأخذنا إلى حيث الإقامة الجامعية بوراوي عمار ومنها نأخذ مسلكا حيث معهد الفلاحة وحي لاراديوز، وأما إذا بقينا في هذه الطريق الرئيسية فسنضطر للمرور على مدخل سجن الحراش ثم حي بلفور لنعود من حيث انطلقنا” قال الشيخ..
– “آه.. سجن الحراش” صاح الشاب، مضيفا “دعنا إذن نمر على الإقامة الجديدة للعصابة”..
ضحك الشيخ وتابع السير قبل أن يتابع “المربع الأول حيث الهام والعاجل يسمى مربع الطوارئ، وهي الأمور التي تحتاج أن تقوم بها فورا دون أي تأخير، وأما المربع الذي على يساره حيث الهام غير العاجل فيسمى مربع الجودة، حيث هنا تخطط لأهدافك بإتقان وإحسان”..
– “جميل.. وهذا المربع هنا حيث غير الهام والعاجل؟” سأل الشاب
— “هذا يسمى مربع الخداع، حيث ستجد الكثير من أحداث اليوم تأتيك وهي تظهر عاجلة لكنها غير مهمة إطلاقا، فأنت يجب عليك أن تعرفها، وأن تفوض غيرك للقيام بها أو تأجيل تنفيذها”..
– “أممممم جميل فعلا.. وماذا عن هذا المربع حيث غير العام وغير العاجل؟”..
— “هذا هو مربع الضياع للأسف، حيث تقضي معظم البشرية أوقاتها هنا وتضيع حياتها في أحداث لا هي ذات جودة وتخطيط للمستقبل ولا هم ينتجون.. ضياع في السوشيل ميديا وفي نيتفليكس وغيرها بالساعات في اليوم حيث لا إنتاجية ولا إضافة قيمة للإنسانية”..
– “يا إلهي.. نبرة صوتك مخيفة يا الحاج وأنت تتحدث عن هذه النقطة”..
— “للأسف.. نضيع الكثير من أوقاتنا وليدو فيما لا يسمن ولا يغني، بل فقط في القيل والقال وكثرة السؤال وإضاعة المال”..
– “صحيح صحيح.. إذن هذه فرصة كي تعلمني كيف أحافظ على إنتاجيتي وأدائي العالي في زمن المشتتات هذا”..
يتبع

مقالات متشابهة