24 مايو، 2020
الحوار الجزائرية
أراء مساهمات

حديث الحراش – الحلقة 13 –

حديث الحراش
بقلم: أ. هشام موفق مداد

هل سمعت من قبل عن الKASH ؟
برقة قطف العجوز وردة كانت قد انزاحت عن سياج معهد الفلاحة عند الطريق الرابطة بين بلفور وحي لاراديوز، والمقطوعة عن الحركة بسبب أشغال الميترو..
ما هي إلا بضع خطوات حتى لمح مرادا من بعيد واقفا بمحاذاة مصلى هذا الحي العتيق.. لوح العجوز لمراد بالوردة وقد اقترب:
– “الحاج دبر راسك.. اعطيني رقم هاتفك” بادر الشاب بسؤال الشيخ وهو يبتسم..
— “غير الخير اسي” أجاب الشيخ وقد استنشق الوردة مجددا مبتسما أيضاً..
– “هاودي تلفتلي وين نلقاك، لكن فكرت قلت هذا أفضل مكان نعسك فيه”..
— “وكاين مكان أفضل من بيت الله وليدو؟” تفاعل الشيخ، قبل أن يتابعه بسؤال، ومشيرا بكفه أن دعنا نتمشى، “كيف قضيت أسبوعك؟”
– “بصراحة، من أروع ما يكون.. راجعت الكثير مما كتبته، وبدأت أتأمل في الكثير من المعاني التي شاركتني إياها، وأيضا بدأت أطبق كي أنمو أكثر.. وأرجو أن أستفيد منك اليوم أيضا.. وكما ترى كناشي وسيالتي معي دائما” أجاب مراد وقد لوح بكراسته..
— “رائع”
وقبل أن يتابع الشيخ، قطعه مراد: “تعرف الحاج.. زوجتي أخبرتني أن هناك شيئا ما تغير في، وأنها ترى بريقا في عيني لم تره منذ أيام زواجنا الأولى”..
— “هاها.. رائع.. ما أروع الشخص حين يفهم رحلته وسعادته.. فأعظم رحلة هي رحلة اكتشاف الذات”.. قال العجوز

– “نعم تماما.. أشعر بطاقة إيجابية، وأشعر بتفاؤل كبير.. صحيح أني لا أدعي أني فهمت كل معاني النمو، لكن ما زودتني به لحد الآن شرح صدري أكثر لاستقبال المزيد” تابع مراد..
— “ممتاز.. وماذا تريد أن تتعلمه أكثر؟”، أردف العجوز وهما يلفان يمينا باتجاه حي المكان الجميل عند المسلك قبل مقبرة العاليا المعروف بطريق الفوريار..
– “في الحقيقة، أريد أن أفهم أكثر عن كيفية التحسن المستمر، وعما يجب علي أن أفعله.. هناك شيء أريد أفهمه ولكن لم أستطع التعبير عنه بعد”..
— “سهل سهل.. أنا سأفهمك دون أن تسأل” أجاب الشيخ، ومثنيا بسؤال: “هل سمعت من قبل عن الكاش؟”..
– “نعم.. أنا بنكي.. وأعرف كل ما هو CASH”.. قال مراد
— “لا.. لا أقصد الكاش بالC ، بل بحرف الK ” أجاب العجوز..
– “أهاه.. إذن لا أعرف “كاشك” يا الحاج “.. تفاعل الشاب وقد ضحكا معا..
— “سأفهمك.. هذه كلمة مؤلفة من أربعة حروف انكليزية، وكل كلمة منها لها معنى جميل، هو سياق بحد ذاته في النمو”..
” فأما حرف الK فنعني به Knowledge ، وهي المعلومات النظرية التي تحتاج أن تعرفها وتتعلمها في علم من العلوم أو فن من الفنون”..
– “جميل” قال الشاب..
— “الهدف من هذه المعلومات أن تحولها إلى Skills ، أي مهارات.. وهنا تحتاج أن تضع هذه المعلومات في الفعل كي تعرف إذا سلوكك مناسب أم لا”..
– “أممممم يعني المهارات أهم شيء” قال مراد، وهو يكتب أفكار العجوز..

— “لم أقل إنها أهم شيء.. هي مهمة طبعا.. لكن لاحظ أن بين المعلومات والمهارات هناك حرف الA والذي نعني به الAttitude “..
– “العقلية” قال مراد..
— “في الحقيقة لها عدة تعريفات للعربية.. البعض يختصرها بالعقلية كما قلت أنت، وهناك من يترجمها إلى الحالة الذهنية.. أنا شخصيا أميل إلى ترجمة “التوجه الذهني””، أجاب الشيخ قبل أن يضيف:
“مهما كان الأمر، إلا أنها تعني طريقتك في رؤية والحكم على الأشياء، كالنجاح، والفشل، والخبرات، والإمكانيات، والاستحقاق وغيرها من المعاني”..
– “قبل أن تكمل الحاج من فضلك، هل ممكن تفيدني بمراجع هنا؟” سأل الشاب..
— “نعم أكيد.. هناك كتاب صغير لكنه ماتع ومفيد جدا، عنوانه هكذا التوجه الذهني لجون سي ماكسويل”..
– “جون سي ماكسويل” رددها مراد وهو يكتب الاسم كي لا يسترسل الشيخ، وأضاف “هذا منينو؟ أمريكي؟”
— توقف الشيخ، وقد كانا بمحاذاة باب محشر السيارات، ونظر للشاب قائلا “هذا أحد أعظم المؤلفين في القيادة، له كتب كلها مفيدها في هذا المجال، مثل كتاب 21 قانونا لا يقبل الجدل في القيادة”..
قبل أن يتابع “أنت مازلت تعرف الناس على أن هذا امريكي وهذا صيني وليدو؟”..
– “أه أه.. صحيح.. نسيت بسرعة درس الهوية.. آسف الحاج.. وما هو معنى الحرف الأخير H”..
— “حرف الH يرمز لكلمة Habits ، ومعناها العادات” شرح العجوز وقد استأنفا المشي، قبل أن يضيف:
— “والعادات هي تلك الأعمال اليومية التي تلتزم بالقيام بها مهما كانت حالة الطقس، ومهما كانت حالتك النفسية”..
– “رائع الحاج.. إذن الكاش تعني المعلومات والتوجه الذهني والمهارات والعادات بهذا الترتيب”..

— “نعم تماما أحسنت هذا هو.. أربعة مسارات أساسية للنمو”..
– “آسف الحاج على هذا السؤال، ولكن أيها أكثر الأهمية بينها” سأل الشاب..
— “ما رأيك أنت؟” أجاب الشيخ بسؤال وهو يرفع رأسه لمشروع تهيئة ملعب حي المكان الجميل الذي مازالت به الأشغال، ومحدثا نفسه بصوت خافت “هذا ما زال ماكملوهش؟”
أطرق مراد يفكر، قبل أن يجيب “أعتقد أن التوجه الذهني هو أهم هذه المسارات، فلا معنى لأي مهارة دون توجه ذهني قوي ومضبوط”.ابتسم الشيخ وهو يشم الوردة التي لم تفلت من أصابعه “كلها مهمة وليدو.. كلها.. لكن هناك الأهم دائما.. دعني أخبرك ما هو”..
يتبع

مقالات متشابهة