2 يونيو، 2020
الحوار الجزائرية
أراء مساهمات

ين الحرية والفوضى.. قضايانا وقانونهم

بين الحرية والفوضى
قضايانا وقانونهم

أ/ عمار خبابة
استهلت المحامية جيزال حليمي وهي محامية فرنسية تونسية المولد ، ومن الشخصيات التي ساندت الثورة التحريرية المظفرة مرافعتها أمام محكمة جزائرية في سبعينيات القرن الماضي بالقول : ” لو كنت أعلم أن الجزائر ستعتمد ترجمة رديئة للقوانين الفرنسية ، لما أقدمت في عز شبابي على مساعدة جبهة التحرير الوطني التي كنت أشتم في كل نشاطها رائحة الأصالة ، والعزة الكرامة .”
ومما لاشك فيه أن الأستاذة حليمي كانت تعني بكلمتها المباشرة ،أن القانون ينشأ في بيئة اجتماعية يتأثر بها ويتطور معها ، ولذلك فهو يختلف من بيئة إلى أخرى بحسب اختلاف الظروف والحياة فيها
والحقيقة أن الكثير من المنازعات لازالت إلى اليوم تعالج بأحكام وترتيبات قانونية ، أقل ما يقال عنها أنها لا تمت بصلة إلى البيئة الاجتماعية الجزائرية
ولئن حاول المشرع الجزائري منذ منتصف الستينيات، الشروع في جزأرة المنظومة القانونية ، إلا أن العملية لم تتعد حدود نقل النص الأجنبي، وإضافة ترجمة له باللغة العربية وهي ترجمة يصدق فيها قول “الأستاذة جيزال حليمي ” السابق ذكره
والملاحظ أن معظم النصوص التي شملتها العملية هي مجرد نسخ منقولة عن النص الفرنسي المماثل لها وليت النقل كان كاملا وتاما ، لأنه في كثير من الأحيان يتم التخلي عن الكثير من المواد ، الأمر الذي يجعل النصوص القانونية مبتورة من أحكام تكون في بعض الأحيان ضرورية للإلمام بالمسألة ، وفهم قصد المشرع بشأنها ، والأمثلة على ذلك كثيرة ومتفاوتة الأهمية من نص إلى آخر
وإذا وجد الوضع الذي ذكرته مبررات تعود إلى الفراغ المهول في جهاز العدالة غداة الاستقلال بسبب هجرة القضاة الفرنسيين ووجود نصوص قانونية غير ملائمة ، و بعضها مخالف للسيادة ، مما جعل السلطة تلجأ الى تغطية العجز المسجل بما توفر لديها من إمكانيات بشرية ومادية ، واستمر الحال على هذا النهج المتمثل في سد الفراغ ، ومواجهة المشكل ، والتعديل بالقطعة ، فان الوضع يقتضي تنصيب آليات تعمل بهدوء وروية لإعادة النظر بجدية وموضوعية في كامل المنظومة القانونية والقضائية .

مقالات متشابهة