رسالة إلى أبي الشهيد في قبره.ومن خلاله إلى شهداء نوفمبر الخالد…تحية طيبة عطرة يا أبي وتحية مثلها لكل شهداء الجزائر وعلى رأسهم شهداء نوفمبر الخالد…في الحقيقة ليس لدي ما أنقله إليكم من أخبار عن الجزائر في هذه الأيام المباركة من ذي الحجة وهي أيام العيد بالنسبة للأمة الإسلامية في مشارق الأرض ومغاربها.إنها أيام الله التي يفترض أن تكون محطة تأمل وتقييم ومراجعة بالنسبة للمسلمين جميعا وللجزائريين والجزائريات خصوصا.
إنها أيام تذكرنا بموضوع التضحية والفداء من جهة وبشكر نعم الله التي لا تعد ولا تحصى علينا وعلى البشرية جمعاء.ثم إنها أيام للفرح والغبطة والسرور.كما ورد في القرآن الكريم ( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون)*… لكن حالنا في الجزائر يا أبي هو غير ذلك تماما بل إنه عكس ذلك بالتمام والكمال..فالديوان الأسود الذي طالت مدة حكمه وسيطرته على البلاد والعباد لم يترك فرصة للفرح والغبطة والسرور إلا أجهضها. ولم يترك نافذة للتقييم مراجعة الذات إلا غلقها .ولم يترك مبادرة لصالح الجزائر إلا وأهدافها وحرفها عن مرادها و أهدافها. لقد أحكموا السيطرة على مختلف مقدرات الوطن والشعب حتى صاروا يتحكمون في وسائل الإعلام المختلفة فيوجهونها الوجهة التي يريدون وبواسطتها يوجهون الرأي العام الوطني لمناقشة المواضيع التي يريدون خدمة لمصالحهم الشخصية، أو تشويها للحقائق والمعطيات…لم يعد للعيد عندنا طعم ولا رائحة يا أبي. لم نعد نرى ولا نحس بتلك الفرحة التي تعلو وجوه الأطفال قبل آبائهم. لم نعد في جزائر الاستقلال نحس ولا نلمس مظاهر الفرحة بالعيد يا أبي. لقد ضاعت منا القيم الأخلاقية أو كادت حتى أصبحنا لا نكاد نميز بين الخير والشر ولا بين الصلاح والفساد. لقد زرعوا الفتن في كل مكان..لقد روجوا للفوضى حتى حلت محل التنظيم والعمل الراشد..
. هذه هي الحالة التي أصبح يعيشها الجزائريون ويتناقلون أخبارها هذه الأيام. ولذلك وجدتني متماطلا في الكتابة إليكم أو زيارة مقبرة الشهداء حتى لا أنغص عليكم الجو الذي تحيون فيه في جنات الخلد فهنيئا لكم الشهادة وهنيئا لكم الجزاء وإلى زيارة أخرى يا أبي.
- عز الدين جرافة