10 يوليو، 2020
الحوار الجزائرية
الحدث وطني

حكومة جراد أمام امتحان عسير

 

 

ملفات اقتصادية ساخنة في انتظارها

حكومة جراد أمام امتحان عسير

 

  • مهماه: انضمام الجزائر إلى “الحزام والطريق” يضعها أمام تحديات جمة
  •  سي محمد: المصارف الإسلامية حل لاستقطاب أموال المدخرات
  •  عيه: لن نجد من يقرضنا لانعدام الثقة

 

تنتظر أصحاب الحقائب الوزارية التي تتصل بالعالم الاقتصادي ملفات كبرى، لها وزنها على الصعيدين الوطني والخارجي، التي يفترض على حامليها إيجاد ميكانزمات حقيقية لتجاوز الأزمات والهزات التي ضربت القطاع الاقتصادي.

فكيف ستتصدى حكومة جراد للملفات الكبرى التي تتطلب اتخاذ حزمة من الإجراءات الحقيقية وتحقيق حلم الإقلاع الاقتصادي الذي وعد به رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون المندرج ضمن برنامجه الانتخابي.

نصيرة سيد علي

الجزائر في طريق الحرير.. هيمنة أم إقلاع اقتصادي..؟

أكد الخبراء الاقتصاديون في حديثهم لـ “الحوار” أن انضمام الجزائر رسميا إلى حزام الطريق الصيني خطوة نحو التحرر من هيمنة التعامل اقتصاديا مع فرنسا، الشريك الاقتصادي العتيد المنبوذ شعبيا، آملين أن يكون للحراك دوره بالدفع إلى الذهاب جديا خلال “المرحلة الانتقالية الدستورية” إلى وضع عقد وطني للنهوض بقطاع التجارة وخاصة التجارة الخارجية، وتنويع التعاملات الاقتصادية مع شركاء دوليين جدد بما يخدم المصلحة الوطنية.

ولوج الجزائرفي حزام الطريق تضعها أمام تحديات جمة

وعلى صعيد مماثل، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور بوزيان مهماه في تصريحه لـ “الحوار” أنه ينبغي علينا الوعي بأن انضمام الجزائر إلى مبادرة “الحزام والطريق” أمامه تحديات جمّة، تحتم علينا أن نجعل من هذه الشراكة مع الصين فرصة لتجاوز مظاهر “اقتصاد البازار” من خلال تأطير التجارة الخارجية، وهنا ينبغي أن يكون للحراك دوره بالدفع إلى الذهاب جديا إلى وضع عقد وطني للنهوض بقطاع التجارة، وخاصة التجارة الخارجية، التي تكبلها تجاوزات بالجملة في معايير النوعية والسلامة والأمن لمختلف السلع والمنتجات المستوردة، مع سطوة الاحتكار وبارونات الاستيراد الذين يشكلون وجها من أوجه الفساد وقبحه، كما يهدف هذا “العقد الاقتصادي-التجاري الوطني” إلى وضع حد لفوضى الاستيراد، والحدّ من سطوة بارونات الاستيراد التي حولت السوق الوطنية إلى واجهة مشوهة تعج بالخردة، وأسوأ أنواع السلع المستوردة من الأسواق الناشئة، لأننا متأكدون بأنه إن لم تعمل الدولة على إعادة هيكلة قطاع التجارة الخارجية والتحكم في مساراته، فإننا سوف نفقد كل فضائل هذا الاتفاق الاستراتيجي مع الصين، بل سنتحول إلى نقطة تصريف وتفريغ وتوزيع لكل المنتجات والسلع الرديئة والمنتجة خارج معايير النوعية السلامة والأمن، والتي يجري إنتاجها في شبكات اقتصاد الظل في شرق آسيا.

من بين الملفات الكبرى التي تعد بمستقبل واعد، وباستطاعته إخراج الجزائر من أزمتها المالية، ملف الصيرفة الإسلامية، التي أجمع حولها خبراء في المالية الإسلامية في لقاء سابق مع “الحوار” على أن مستقبل المالية الجزائرية عند تطبيق الصيرفة الإسلامية، باعتبارها المخرج الوحيد من أزمة شح السيولة النقدية التي تتخبط فيها الجزائر والتي جعلت الحكومة الاقرار بالرجوع إلى الاستدانة الخارجية، وقال هؤلاء المحللون الاقتصاديون إنه لا حلول خارج البنوك الإسلامية التي تعتبر حلا للمنظومة المصرفية وإنعاش الخزينة العمومية، وتشجع على الاستثمار والادخار البنكي، نفس الفتوى أفتى بها الأئمة الذين دعوا إلى ضرورة تبني مثل هذه البنوك وتزويدها بجهاز الرقابة الذي يؤكد على أنها تنشط في إطارها الشرعي وفقه الدين.

 

المصارف الإسلامية حل لاستقطاب أموال المدخرات

من جهته، أوضح الخبير الاقتصادي الدكتور كمال سي محمد في حديثه لـ “الحوار” أن الصيغة التشاركية أو الإسلامية، لن يكون لها دور كبير في استقطاب الأموال المتداولة خارج الدوائر المصرفية الرسمية، والتي هي في حدود 5000 مليار دينار، وهذه القيمة لا تمثل فقط مدخرات الأفراد المكتنزة في البيون، بل ما يقارب نصف هذا المبلغ -يضيف سي محمد- يتداول في فضاء السوق الموازية في شكل بيع وشراء، كما أن العامل الأساسي الذي يثير التخوف لدى المدخرين ليس في صيغة الادخار وطبيعة البنك المستقبل للوديعة، بل نظام البنك في حد ذاته الذي يرفض إعادة الأموال لأصحابها وقت الحاجة، داعيا إلى أهمية تنظيم حملة تحسيسية من قبل القائمين على المصارف الإسلامية لتقديم الشرح الوافي للمستهلكين لربط جسور الثقة بينهم وبين المدخر مهما كانت طبيعته، أفرادا كانوا أم رجال الأعمال.

 

هل سينجح عرقاب في إنقاذ سوناطراك..؟

من جهة أخرى، أكد وزير الطاقة، محمد عرقاب، خلال عرض مشروع القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية، بالمجلس الشعبي الوطني، أن اقتراح الأحكام الجبائية في قانون المحروقات من شأنه إعطاء صورة عن استقرار السوق الجبائية في الجزائر، والتي سجلت المرتبة 190 في تصنيف مجلة متخصصة في هذا المجال بسبب إجراءاتها الجبائية، وأفاد في نفس الوقت إلى أن سوناطراك عجزت عن التنقيب في 150 حقل معروض عليها، وهذا بسبب ضعف إمكانياتها، مشيرا إلى أنه لو كان المجال مفتوحا للاستثمار الأجنبي لسجلنا أرباحا كبيرة بعد سنوات، وأنه لو استمرينا بنفس القوانين لبقيت سوناطراك تنشط في حقلين فقط.

وأجمع ثلة من الخبراء الاقتصاديين في تصريحهم لـ “الحوار” على أنه المبالغ المالية التي تحتاجها الجزائر لتغطية عجز الموازنة، وسد عجز الخزينة العمومية وتسديد النفقات للسنة المقبلة، جد كبيرة، وعليه فالقيمة المالية التي ستطالب باستدانتها من البنوك الإقليمية التي تمتلك حق العضوية بها لن تفي بالغرض المطلوب، ولن تسد الفراغ المالي المحتمل حدوثه، أمام شح السيولة النقدية.

 

كيف ستتعامل الحكومة مع ملف الاستدانة الخارجية؟

أجمع ثلة من الخبراء الاقتصاديين في تصريحهم لـ “الحوار” في مواقف سابقة، على أن المبالغ المالية التي تحتاجها الجزائر لتغطية عجز الموازنة، وسد عجز الخزينة العمومية، وتسديد النفقات للسنة المقبلة، جد كبيرة، وعليه فالقيمة المالية التي ستطالب باستدانتها من البنوك الإقليمية التي تمتلك حق العضوية بها لن تفي بالغرض المطلوب، ولن تسد الفراغ المالي المحتمل حدوثه، أمام شح السيولة النقدية.

وكان وزير المالية الأسبق، محمد لوكال، قد أكد بضرورة عودة الجزائر مجددا إلى الاستدانة الخارجية، إلا أن هذه المرة لن تكون وجهتها ولن تطرق باب صندوق النقد الدولي كما في السابق، بل ستلجأ في للمؤسسات المالية الإقليمية التي تمتلك العضوية بها، على رأسها البنك الإفريقي للتنمية، على أن يتم حصر الأموال المقترضة لصالح المشاريع الاستراتيجية ذات الأهمية الاقتصادية مثل ميناء الوسط بشرشال.

 

لن نجد من يقرضنا لانعدام الثقة

وحول إمكانية الذهاب إلى الإستدانة الخارجية، قال الخبير المالي عبد الرحمان عية في حديثه لـ “الحوار” إن ذلك ضرب من الجنون، إذ لن تجد الجزائر من يقرضها دولارا واحدا، أمام الوضعية الحالية، لانعدام الثقة والتخوف من أن تلقى أموالهم مصير الذي تلقته الأموال التي تم اقتراضها من البنك الإفريقي، وعليه سيجعل الحكومة المقبلة في ورطة مالية كبيرة ولن تجد أمامها سوى اللجوء إلى آلة طبع الأموال لسد الثغرة المالية.

إصلاح البنوك أساس التنمية المالية

ترجع أسباب تتداول ما قيمته 5 آلاف مليار دينار خارج القطاع البنكي إلى آلية المنظومة المصرفية التي تشتغل وفق نظام تقليدي لا يستند إلى معايير عالمية مما جعلها تتذيل المنظومة البنكية الدولية، داعين في الوقت نفسه إلى نبذ مبدأ من أين لك هذا؟ الذي عطل مجرى المعاملات البنكية، مما جعل المواطن الجزائري يعطي الأفضلية للاكتناز أمواله في بيته بدل إيداعها في الحافظات الرسمية، في وقت تحتاج فيه الجزائر إلى كل دينار للملمة أشلاء الاقتصاد الوطني الذي يسير نحو منحنى تنازلي، جراء الضبابية التي اجتاحت الأفق السياسي في الجزائر، والذي انعكس سلبا على الوضعية الاقتصادية.

ومن ناحية الشرعية أفتى بعض المشايخ على أنه لا حرج في أن يودع الفرد المسلم أمواله في البنوك الرباوية، فإذا احتاج إليه أخذه بدون فائدة، في حين يرى الأخر أن البنك الإسلامي هي الاتجاه الصحيح لاقناع المودع وجعله في أريحية تامة.

الحكومة الفارطة أورثت الحكومة الجديدة تركة مسمومة

إن السؤال المطروح إلى الواجهة، يتلخص في كيفية تسديد العجز الموازناتي في القانون المالية 2020، والذي يعتبر من بين التحديات التي ستواجه الحكومة الجديدة، وأن حكومة بدوي كما وصفها أحد الخبراء في المالية لـ “الحوار” في موقف سابق ستورث الحكومة الجديدة تركة مسمومة، لأنها سوف تواجه مشكلة مالية عويصة، لشح الموارد المالية، مما يجعلها أمام ثلاث خيارات لتحصيل من خلالها على القيمة المالية التي تمكنها من امتصاص العجز الموازناتي سنة 2020، إما العودة مجددا إلى آلية طبع النقود، أو الإستدانة الخارجية، وإما بيع جزء من احتياط الصرف، وهذا الأجراء سيؤجل عمر الأزمة الاقتصادية لسنوات أخرى، وبخصوص القيمة المالية التي تم طبعها خلال فترة أويحيى، والتي بلغت 6.556,2 مليار دج تم استعمال فقط 3,114 مليار دينار.

هل المستقبل في الطاقة الشمسية..؟

من بين الملفات الشائكة، والتي عرفت هزات متعاقبة، نجد ملف الطاقة الشمسية وتجميد العديد من المشاريع المتعلقة بهذا النوع من الطاقة، التي يراها الخبراء أن تبني الجزائر لهذا المشروع سيجعلها قطبا عالميا في إنتاج الطاقة الكهربائية.

اللجوء إلى الطاقة الشمسية يضمن تمويل مشاريعها التنموية

وعن الحلول الواجب اتخاذها كحل يجنبنا الذهاب إلى الاستدانة الخارجية، قال الدكتور عبد الرحمان عية في نفس المنوال على مجمع سونالغاز الاستثمار في الطاقة الشمسية لأن بيعها سيضمن عوائد كبيرة تمكنها من عملية تمويل المشاريع بصورة آمنة، إذ كيف تبيع منتجاتها -يضيف الخبير ذاته- بأقل تكلفة ومدعمة من قبل الدولة وتفكر في الاستدانة الخارجية، والتي سيجعلها مملوكة لغير دولة الأم، وتصبح لعبة في يد الجهة الدائنة.

يجب تفعيل قانون 99/9 لتحقيق اقتصاد المتراكمة في آفاق 2030

وبالمقابل، يرى الخبير الاقتصادي دغمان زوبير في تصريحه لـ “الحوار” أن هناك قيودا وأمورا يجب الأخذ بها بعين الاعتبار، حيث يجب ان تتقيد الحكومة بما سطرته من قبل كتفعيل القانون رقم 99/9 المتعلق بالتحكم في الطاقة، والذي يهدف الى تحقيق اقتصاد في الطاقة المتراكمة في آفاق 2030 يقدر بـ 90 مليون طن مكافئ نفط.

وقد تضمن هذا البرنامج الضخم عدة مشاريع، منها برنامج الاقتصاد في الانارة الذي يرتكز على إحلال المصابيح ذات الاستهلاك المنخفض محل المصابيح ذات التوهج، وبرنامج شمس الجزائر الذي يهدف الى استحداث سوق لسخان الماء الشمسي والتقليل من انبعاث الغازات الدفيئة، وكذا برنامج الهواء النقي الذي يهدف الى تقديم دعم لتطوير غاز البروبان المميع كوقود قصد تقليص الضغط على الأنواع الأخرى خاصة البنزين، وبرنامج الاقتصاد في البناء الذي يهدف إلى تحسين الرفاهية الحرارية في المساكن والتقليل من استهلاك الطاقة والتدفئة والتكييف، مع ضرورة تفعيل برنامج اوج الصناعة الذي يهدف أساسا الى تعيين مكامن اقتصاد الطاقة واقتراح الإجراءات المناسبة للتحكم في استهلاك المنشآت الأكثر استهلاكا للطاقة.

مقالات متشابهة