24 مايو، 2020
الحوار الجزائرية
مساهمات

يوم النحر….يوم الحج الأكبر… أَكْثَرُ أَيَّامِ الْحَجِّ عَمَلاً

قد بات الحجيج في مزدلفة, واستعدوا لأداء أعمال يوم النحر…وهو يوم يكثر الحاج فيه من الحركة والعمل ومن الذكر والتلبية والتكبير.

وأول الأعمال رَمْيُ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ وهي الْجَمْرَة الْكُبْرَى يرميها يَوْم النَّحْر صُبْحًا سَبْعَ حَصَيَاتٍ, وفي الطريق إلى منى يتذكر ما حدث في غابر الزمان وما كابد أبونا إبراهيم من كيد الشيطان حينما حاول صده عن ذبح ولده….فقد ذهب جبريل بإبراهيم عليه السلام إلى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، ثم أتى الجمرة الوسطى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، ثم أتى الجمرة القصوى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ. رواه أحمد…. لعب إبليس دور الواعظ للأب فقال: أمن المعقول أن يذبح الأب ابنه، وذهب إلى الولد  ليقنعه بمخالفة أوامر والده….خالف الصالحان …أمر الشيطان, وقالا: نَفْعَلْ مَا أَمَرَنا اللَّهُ بِهِ، سَمْعًا وَطَاعَةً لِأَمْرِ اللَّهِ فَوَّضَا الأَمْرَ إِلَى اللَّهِ…وكَبَّ الوالد وَجْهَ الولد…..وجاءت البشرى: وَفَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ… فبعد النجاح والصمود أمام البلاء …حدث الفداء…إنه الرب الرحيم ..يمتحنك ليمنحك… ويبتليك ليرحمك.

هذه كانت قصة الرمي، أما نحن فالأمر إلينا يتوجه: إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً …والرمي سنة نبينا محمد، فعن جابر بن عبد الله قال: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْمِي عَلَى رَاحِلَتِهِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَيَقُولُ:لِتَأْخُذُوا مَنَاسِكَكُمْ. مسلم

وقالت عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما جعل رمي الجمار والسعي بين الصفا والمروة لإقامة ذكر الله، وعن ابن عباس: الشيطان ترجمون، وملة أبيكم إبراهيم تتبعون…. والشعائر الدينية مبنية على المتابعة لما يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم.. وحسن النية، ونحن نتبع لا نرمي الشيطان بذاته، ولكن نرمي لموقف حدث.

ورمي الجمار عمل رمزي يمثل مقاومة الشيطان ورمز عداوته لا أكثر ولا أقل, وما يعتقده بعض الحجاج أنهم برميهم الجمار يرمون الشيطان أو إطلاق الشياطين على الجمرات خطأ، فبعضهم يرمي ويصرخ ويسب ويشتم…يزعم أنه يرمي الشيطان…قد يرمي بالأحذية والعلب الفارغة….وقد يلعب به الشيطان …فيهلك نفسه ويتسبب في إهلاك غيره…وقد رأينا ما تتفطر له القلوب….حينما مات العشرات والمئات من غير موجب.

رمى الحاج جمرة العقبة, ثُمَّ ذَبْحَ الْهَدْي أوكفاه شراء القسيمة وحلق شعر رأسه أو قصره, بهذ الترتيب… فإن خالفه فلا حرج, قَال رَجُلٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم: لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْل أَنْ أَذْبَحَ؟ قَال: اذْبَحْ وَلاَ حَرَجَ فَجَاءَ آخَرُ فَقَال: لَمْ أَشْعُرْ فَنَحَرْتُ قَبْل أَن ْأَرْمِيَ؟ قَال: ارْمِ وَلاَ حَرَجَ فَمَا سُئِل يَوْمَئِذٍ عَنْ شَيْءٍ قُدِّمَ وَلاَ أُخِّرَ إِلاَّ قَال: افْعَل وَلاَ حَرَجَ. أخرجه البخاري.

يَأْتِي الحاج مَكَّة فيطوف طواف الْإِفَاضَة وهو الطواف الركن الذي قال الله فيه: وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ.الحج: 29. … ثمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خلف المقام, ثمَّ يسْعَى بَين الصَّفَا والمروة سَبْعَة أَشْوَاط إِن كان متمتعا, أو لم يكن قد سعى بعد طواف الْقدوم إن كان مفردا….ثم يتحلل من إحرامه.

يعودالحاج إلى منى ليبيت ليالي الرمي ويرمي الجمرات إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ مِنْ كُلِّ يَوْمٍ مِنْهَا: يرمي الجمرة الصغرى بسبع حصيات, ثم الوسطى وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَيَقِفُ لِلدُّعَاءِ بِإِثْرِ الرَّمْيِ فِي الْجَمْرَةِ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ,ثم يرمي جمرة العقبة بسبع حصيات وَلَا يَقِفُ عِنْدَها ليدعو, يفعل ذلك يوم الحادي عشر, ويوم الثاني عشر, وإن شاء تعجل, وإن لم يتعجل رَمَى فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ وَهُوَ رَابِعُ يَوْمِ النَّحْرِ انْصَرَفَ إلَى مَكَّةَ وَقَدْ تَمَّ حَجُّهُ, وتَنْتَهِي الْمَنَاسِكُ بِنِهَايَةِ أَعْمَال مِنًى.

يَمْكُثُ الْحَاجُّ بِمَكَّةَ وَيَأْتِي الْمُفْرِدُ بِالْعُمْرَةِ، وَيسْتَحب للماكث بمكة الْإِكْثَار من الطّواف وَمن شرب مَاء زَمْزَم, وَالْوُضُوء بِهِ, والإكثار من الذكر, وعمل الخير لإنها مضاعفة الأجر بمكة, ويلازم الصَّلَاة فِي الْجَمَاعَة بالمسجد الحرام فقد جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: صلاة في مسجدي هذا، خير من ألف صلاة في ما سواه إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي هذا. رواه أحمد وابن حبان.

بين البداية المفتتحة بالإحرام والنهاية المختتمة بطواف الوداع يحرص الحاج على حفظ الأركان, فبحفظها ويتمها, وهي إحرام ووقوف بعرفة وبفواتهما يفوت الحج وطواف إفاضة وسعي وهذين يمكن تداركهما ولوعاد لهما من بلده، كما يحرص على تجنب مفسدات الحج فيجتنب الجماع ومقدماته: فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وإذ فسد الحج وجب إتمامه وقضاؤه من قابل وعليه الهَدْي.

وللحديث بقية

مقالات متشابهة