17 مارس، 2020
الحوار الجزائرية
مساهمات

عين الحجل ستكون عاصمة للنظافة والرقي

بقلم: جمال نصرالله

كم هي جميلة هذه اللحظات التي تعيشها اليوم (عين الحجل) بجميع مكونات مجتمعها المدني، وهي أن حملات التنظيف جارية على قدم وساق منذ أزيد من عشرة أيام، أي منذ أن أعلن الوالي مقداد عن نيته بترسيخ ثقافة النظافة والصحة في عقل المواطن مهما كانت توجهاته وميوله، لأنه بدون شوارع وأحياء نظيفة لا يمكن البتة الحديث عن مواطن محاط بشروط الحياة الصحية، لحظات مثل هذه انتظرناها لسنين خلت عاش فيها الجميع ويلات الأطنان من مخلفات الطبيعة والإنسان والحيوان ؟ جميع هؤلاء اشتركوا وكانوا السبب الرئيس في إيصال هذه المدينة وكثير من مثيلاتها في طول وعرض هذا الوطن إلى حافة القنوط، بحث تلوثت البيئة والمحيط حتى لا نقول الحياة العامة، وصرت ترى القاذورات المطلقِة للروائح المقززة أينما وليت وجهك وحواسك. ولا مهرب لك سوى أن تنجو بجلدك وتذهب بعيدا على مدار كيلومترات بحثا عن رقعة نقية (على أقل تقدير تستطيع التنفس بداخلها بشكل طبيعي) وكنا نقولها مرارا، أي أن الاستنجاد وحده غير كافٍ بل وجب التشمير على السواعد وإعمال العقول باستدعاء أهل الاختصاص من خبراء ومختصين الذين بإمكانهم إيجاد أسرع وأنفع الطرق للخروج من المأزق الكبير؟ لأنه ما دمت مطاردا ومهددا داخل بيئة قذرة فأنت مهدد في حياتك ومع من يشاركونك البيت والمأكل جسميا ونفسيا وروحيا، وبالتالي فأنت غير قادر على التواصل طيلة يومياتك، الفكرة وهي في الأصل مشروع كبير كما قلنا رمى به سيادة الوالي وألزم رؤساء البلديات بتجسيده على أرض الواقع مع توفير جميع آلياته ومواده التي يحتاجها بدءا من الجرافة إلى مكنسة البيت إلى الفسيلة؟ هو بلا شك مشروع حضاري ودرس لزام علينا أن نأحذ منه العبرة الكاملة واليقينية والاتعاض حتى لا نقع في نسخته الثانية، وإلا فنحن لم نفعل شيئا وفقط كنا مجرد مهللين للبهرجة والاحتفاء بألوان الطلاء، والحمد لله رئيس البلدية عندنا السيد دلهوم كان في مستوى الحدث فقد جيّش وجند كل الطاقات بل حفز الجميع وأعلن من البدء عن جائزة كبرى لأنظف شارع، موفرا للجميع عشرات الدلاء من الأصباغ ولواحقها من الألوان، بالإضافة إلى إجبار الجمعيات على مختلف مشاربها على إنجاح هذا المشروع الحضاري، وإلا لازالت لعنة الكسل وعدم نفض الغبار عن أنفسنا تطاردنا إلى يوم الدين، بل لربما تجذرت وألصقت بذواتنا وتوارثتها الأجيال، لقد قلناها مرارا وهانحن نعيدها لاشيء يخيفنا سوى تقاعسنا المفرط، وأن الأمم المتحضرة بنت أمجادها على الإرادات المتجددة والمستدامة، وأن المواطن وحده لا يستطيع فعل شيء إن لم تتكاثف الجهود وتصب في هدف واحد بدءا من تحريكها من أعلى، وقلت شخصيا في عدة مقالات بأن مشكلة النفايات والمزابل في الجزائر هو مشكل مخططات غائبة وإملاءات فوقية متكررة، لا تريد أن تنزل قيد التفيذ، ومن المؤكد أن مصدرها الأول والأخير هو وعي المسؤول بالدرجة الأولى، فيا ليت لنا أن نتعلمها لتصبح سلوكا يوميا وليست مجرد حملات عابرة، نتناساها وتتناسانا بمجرد مايجف الطلاء أو قطعة الصابون أو جرة المكنسة.

شاعر وصحفي جزائري

مقالات متشابهة