11 مارس، 2020
الحوار الجزائرية
اخبار هامة الحدث

الإدارة الجزائرية.. “ساعفونا” نحن صائمون

يبدو أن المواطن اعتاد على طريقة عمل الإدارة الجزائرية ولم يعد شهر رمضان الشماعة التي يعلق عليها الإداريون تماطلهم في إنجاز طلبات المواطنين، بل هي عادتهم أو كما قيل لنا “صايمين على العام”، في تعليق ممزوج بالتذمر لأحد المواطنين على أحد شبابيك بريد الجزائر، هي مظاهر تتكرر يكون التلاسن فيها حاضرا دائما في ظاهرة باتت رابطا مشتركا يجمع المواطن بموظفي الإدارة كل يوم ويزيد شهر رمضان من تكريس صورها المؤسفة.

حيث تتكرر مشاهد الطوابير والشجارات داخل الإدراة الجزائرية، من مكان إلى آخر ومن مصلحة إلى أخرى بلديات، دوائر، مكاتب بريد وحتى المحاكم، الجميع يتخوف من مجرد التفكير في التوجه إلى إحدى هذه المصالح في الأيام العادية فما بالك بالشهر الفضيل، الذي بدأ في تخطي العطلة الصيفية كما كان في السنوات الماضية زاحفا نحو فصل الربيع الذي من المفترض أن تسير فيه الإدارة وباقي النشاطات بصورة عادية، إلا أن المشهد العام لا يبشر بالخير وجولة صباحية بسيطة قادتنا إلى بعض الإدارات في بلديات العاصمة الشرقية من الرويبة إلى الحراش مرورا باب الزوار، لم يختلف الأمر عن سابقيه من الأيام، مع زيادة حدة التوتر بين الموظف والمواطن أو حتى بين المواطنين أنفسهم، ولم تخل كافة مكاتب البريد التي زرناها من تواجد مكثف للزبائن خاصة وأن رمضان بدأت أولى أيامه في منتصف الشهر، وهو ما أجل الاكتظاظ على شبابيك بريد الجزائر إلى الأسبوع الثاني منه.

 

البريد….شبح الانتظار يخنق المواطنين

أصبح التوجه لمكاتب البريد خلال الشهر الفضيل والأعياد البعبع الذين يخيف المواطن خاصة وأن البحث عن مكتب بريد خال من الزبائن يعد من سابع المستحيلات عبر كافة ولايات الوطن، والسبب الرئيسي في ذلك يرجعه المواطن إلى تماطل عمال الشبابيك وعدم تعجيلهم في عمليات سحب النقود، وتعذرهم في أكثر من مرة بتوقف النظام بسبب الضغط الكبير عليه، هي حجج يراها المواطنون باطلة ويراد من ورائها زيادة حالة التذمر، وهو ما يؤكده عبد الرحمن أحد زبائن مكتب بريد المحمدية الذي وجدناه في انتظار دوره في طابور خرج من مقر مركز البريد وامتد إلى الشارع الملاصق له، في مشهد يقول عبد الرحمن إن المواطن تعود عليه خلال باقي أيام السنة، مشيرا إلى أن رمضان مجرد شماعة يعلق عليها الجميع تهربه من تقديم خدمات مقبولة نوعا ما، وعن حالة مركز البريد في الشهر الفضيل يقول عبد الرحمن إن شباكا واحدا أو اثنين يقومان بتقديم الخدمة أما البقية فلا يفهم المواطن سر انشغالها بأمور أخرى خاصة بعد تعميم خدمة الشباك الواحد التي لم تغير من العقلية السائدة حسب محدثنا، مضيفا أن مكتب بريد المحمدية أحسن حالا من مكاتب أخرى في المنطقة تشهد حالات شجار يومية بين المواطنين والموظفين، تصل حد استعمال العنف.

ونفس الحالة التي وجدنا عليها مكتب بريد المحمدية عرفتها باقي مكاتب البريد التي زرناها من باب الزوار، الرويبة إلى الحراش، نفس الأجواء ونفس حالة التذمر، عملية تسيير طلبات المواطنين تسير ببطء شديد ونفس الأمر تشهده بعض البنوك التي شهدت هي الأخرى تواجدا كبيرا للزبائن في بداية الأسبوع بعد توقف الخدمات يومي الجمعة والسبت.

 

الوثائق البيومترية تربك الإدارات

يبدو أن قرار الحكومة برفع ثمن الدمغة على مختلف الوثائق البيومترية، أربك المواطنين ودفع بالكثير منهم إلى السعي لاستخراج بعض الوثائق التي كانت سابقا بالمجان، على غرار بطاقة التعريف التي سيكلف استخراجها  2500 دينار، ناهيك عن ارتفاع الدمغة على جواز السفر ورخصة السياقة وبعض الوثائق الأخرى، هذا القرار المفاجئ فتح بابا آخر على الإدارة الجزائرية في الشهر الفضيل، وحول أنظار المواطنين إلى المكاتب البلدية ومصالح الضرائب من أجل الإسراع باستخراج الوثائق قبل تطبيق قرار الحكومة الذي يجهل الكثير من المواطنين موعد بداية سريانه إلا أنهم قرروا التوجه جماعات إلى مكاتب البلديات لتفادي أي زيادات أخرى ترهق جيوبهم.

من جهة أخرى اشتكى بعض موظفي البلديات من غموض التعليمة الحكومية التي دفعت بالمواطنين إلى الهجوم على مكاتب البلديات لاستخراج جواز السفر الذي سيرتفع ثمنه إلى مليون سنتيم بعد الارتفاع الأول الذي وصل إلى ستة آلاف دينار جزائري منذ فترة قصيرة، هو ما جعل المواطن يسارع إلى ذلك دون معرفة حتى بداية سريان القرار بصفة رسمية.

 

سيال تبسة تدفع الثمن

عرفت بعض ولايات الوطن حالات تذمر للمواطنين بسبب تماطل بعض الإدارات في تسيير شؤونهم، وهو ما حدث للجزائرية للمياه في تبسة حيث تعرض مقرها إلى هجوم من قبل المواطنين الغاضبين بسبب غياب الماء عن حنفياتهم لأيام عديدة منذ بداية شهر رمضان، هذه الأسباب وعدم تجاوب موظفي “سيال” مع شكاوي المواطنين دفعهم إلى اختيار العنف للتعبير عن رفضهم للطريقة التي تسير بها الجزائرية للمياه.

وانتشرت صور التخريب عبر مواقع التواصل الاجتماعي وشهدت تعليقات مؤيدة وأخرى رافضة لهذا السلوك الذي اعتبره المواطنون حلا لإسماع صوتهم بعد أيام من العطش.

 

الموظف صائم والمواطن يساعف

تعكس حالة الشد والجذب بين المواطن والإدارة صورة من صور الفوضى وعدم التقيد بالقوانين من الطرفين، حيث تقودك جولة قصيرة بين مختلف المكاتب إلى الوقوف على حجم الهوة التي بين الإدارة والمواطن، لا أحد راضٍ عن الآخر، المواطن يشتكي والموظف يشتكي هو الآخر، وفي هذا السياق يقول زبير موظف في إحدى مكاتب بريد العاصمة إن المواطن يأتي من بيته بملامح وجه عدائية محضرا بعض الجمل التي يكررها على مسامع الموظف”راك خدام منيش نطلب فيك”، “اخدموا خدمتكم ..حللوا دراهمكم” وغيرها من العبارات المستفزة التي يطلقها الزبون في وجه الموظف ويتحول المكان إلى بؤرة للشجار بعيدة كل البعد عن مهمتها الأصلية، ويضيف زبير قائلا إن المواطن يتحجج بالصيام وينسى أن الموظف أيضا صائم، ولو أن كل واحد من الطرفين احترم صيامه لما شهدنا تلك الصور المؤسفة التي تتكرر يوميا داخل الإدارات الجزائرية في جميع ولايات الوطن دون استثناء.

ويبدو أن تعطل مصالح المواطنين بات السمة الأبرز للإدارة الجزائرية التي لا تزال شبحا ينتظر كل الباحثين عن تجديد ملف أو استخراج وثيقة ما بدءا من البلديات ومصالح الضرائب مرورا بمختلف المصالح الأخرى التي لها علاقة مباشرة بالمواطن وأشغاله، وأصبح التوتر سيد الموقف في الكثير من المكاتب التي تحول شهر رمضان إلى الشهر المفضل للدخول في سبات عميق، يتحول فيه الموظف إلى وحش والمواطن إلى ضحية تتحمل هي الأخرى مسؤولية تعطل مصالحها بسبب تهجم بعض من يقفون في طابور الخدمات على الموظف الذي يغادر مكتبه في أحسن الأحوال لمدة ساعة أو أكثر تاركا عشرات ومئات المواطنين ينتظرونه دافعين ثمن تهور بعض الشباب أو حتى النساء اللاتي أصبحن يتدخلن أيضا ويشاركن في توجيه اللّوم للموظف خاصة إذا كان من يقف خلف الشباك من بنات جنسهن.

إعداد: سهام حواس 

مقالات متشابهة