رسالة مفتوحة:
جزائرنا و الوحدة الوطنية …
بقلم: د-وليد بوعديلة
إن الشعوب تمر بفترات تحتاج فيها لتوحيد الصف والكلمة أكثر من كل مراحلها التي شهدتها سابقا ،و وطننا يشهد مؤخرا فترة حساسة جدا ومهمة في السياق المحلي والدولي، والبلاد تحتاج للوحدة الوطنية والدينية، مع الانصراف عن كل صراع وعراك، واستدعاء لفضائل الحوار والمحبة و الأخوة، لأن ترك قيم وأخلاق الاختلاف سيقودنا للدخول في طرق الفتن و الصراعات، ومن ثمة سيكون كل فرد جزائري ، هو السبب في خراب الوطن وتدمير المجتمع.
. قال تعالى: «وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ». فقد أمر الأمة جميعاً بالاعتصام بحبل الله، ولم يوجّه الأمر بالاعتصام بحبل الله إلى الأفراد، وإن كان واجباً على كل فرد .
وقدْ فسَّرَ ابنُ مسعود رضيَ اللهُ عنهُ قولَهُ تعالَى «وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً». بالجماعةِ، فحبْلُ اللهِ الجماعة، وقال تعالى:”واذكروا نعمة الله عليكم إذا كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا”. ولن نقبل لوطن أنجب أمثال الأمير عبد القادر، زيغود يوسف، ابن باديس، البشير الابراهيمي، ديدوش مراد …وغيرهم من الشرفاء أن يسمح للمحتل الغاشم أن يعيد كتابة تاريخه البشع الهمجي بوسائل وأدوات استعمارية جديدة.
ندعو لإصلاح ذات البين والبحث عن كل عوامل التعايش الأخوي وبين أبناء الوطن، يقول الشيخ العالم الداعية محمد مكركب:” إن دوام التنازع بين بني الانسان عامة وبين المسلمين خاصة يؤدي إلى نتائج مؤسفة ومحزنة ،منها استهلاك طاقة كبيرة وأموال كثيرة، لو تصالح الناس وأنفقوها فيما ينفعهم لنالوا أضعافا مضاعفة من المزايا والفوائد التي يتقاتلون من أجلها، والله لو كانت هذه النتيجة فقط لكفت أن تكون موعظة لأولي الألباب.( ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم)..”-جريدة البصائر عدد689- ويضيف الشيخ قائلا:” الخلاف والصراع بين البشر يؤدي إلى انتشار الرذائل على حساب الفضائل، وتخرّب المدينة، وتنهار وتتقوض أركان الملك ،وتسقط الحضارة ،ويزيغ الناس ويحل قانون الغاب ،وتنال المكاسب بالحيل أو الغلاب”.
تحتاج جزائرنا لكل الشرفاء من أبنائها للخروج من محنتها، ومع التنازلات المتبادلة سيكون النجاح السياسي والمجتمعي، دون تجاهل التهديد الخارجي والداخلي، وليس مسموحا هنا أن ترتفع الأنانيات والمصالح الفردية، بل نريد لوطن الشهداء أن يستحضر كل قيم التضحية الجماعية.
إن من معاني الوحدة الوطنية أنها تلك الروابط القوية بين مواطني دولة معينة، تقوم على عناصر واضحة يحس بها الجميع ويؤمنون بها، ويستعدون للتضحية في الدفاع عنها…. وعلينا -لنحمي وحدتنا- أن نغلّب العقل على العواطف الانفعالية، في ظل ضربات كثيرة يتعرض لها الوطن في الظاهر والخفاء، وبالحوار والحكمة نستطيع منح الأمل لمجتمعنا، لكشف الخونة و المفسدين، بعد أن أعادت الهبة الوطنية الشعبية الإنسان الجزائري تاريخه ودينه وتقاليده العريقة المجيدة، فمن كان يريد لنا العزة وقفنا معه ومن يريد إذلالنا وتشتيتنا وقفنا له في هبة واحدة.
يقول مفدي زكريا شاعر الثورة الجزائرية المباكرة: وقل الجزائر و إصغ إن ذكر اسمها تجد الجبابر ساجدين وركعا إن الجزائر قطعة قدســــية في الكون، لحنها الرصاص ووقعا وقصـــيدة أزلية أبياتـــها حمراء ، كان لها نوفمبر مطلعا – يا شباب الجزائر..علينا أن لا نفتح صفحات العداء والأحقاد و الانتقام، – يا أبناء الشيخ ابن باديس…لأجل أطفالنا وشيوخنا اتحدوا..اتحدوا.. وتجنبوا كل أفكار خبيثة لخدّام الاستعمار والاستدمار. – يا أحفاد الشهداء..لأجل دموعنا ودعواتنا ورجائنا..اتحدوا.. اتحدوا.. وتجنبوا كل ظالم مفسد وكذّاب باهت. – يا حرائر وأحرار هذه البلاد..صونوا وديعة الشهداء وحافظوا على جزائر الإسلام والعروبة و الأمازيغ. – يا شباب الجزائر الحرة..اجتمعوا على قلب رجل واحد لأجل بلادكم ، واستعدوا لكل خطر من غريب خارجي أو خائن من داخل الوطن، واحذروا خطابات ورسائل الأطراف الحاقدة على حراككم السلمي وعلى وطنيكم المجيد. – أبناء وطني في كل مدينة وقرية..انتبهوا للمؤامرات الدنيئة والمحاولات المشبوهة لتفريقكم وقتل روح الاسلام والوطنية في قلوبكم. جزائر الشهداء لن تموت.. وهل ترضى جزائر نوفمبر بالصراع والشقاق؟ هل ترضى جزائر الشهداء بتحطيم الوطن؟ هل يقبل أحفاد الأمير عبد القادر بان يحرقوا وطنهم ويشتتوا وحدتهم؟ فالوطن الوطن.. الوحدة الوحدة.. الاجتماع الاجتماع..الاعتصام الاعتصام. يقول ابن باديس:” عند المصلحة العامة من مصالح الأمة يجب تناسي كل خلاف يفرّق الكلمة ويصدّع الوحدة ويوجد للشر الثغرة، ويتحتم التآزر والتآلف ،حتى تنفرج الأزمة وتزول الشدة بإذن الله”.