فتحت الأحداث المتسارعة التي يعيشها حزب جبهة التحرير الوطني الأفلان منذ تولي جمال ولد عباس الأمانة العامة للعتيد خلفا للأمين العام الأسبق عمار سعداني، المجال لطرح العديد من التساؤلات حول ما يدور داخل البيت العتيد.
وقد شهد الأفلان منذ تزكية جمال ولد عباس بالإجماع على رأس الأمانة العامة، حالة من التوتر نتيجة الخلافات الواقعة بين القيادة المركزية للحزب، بدليل المناوشات الكلامية التي وقعت بين القيادي في الحزب ورئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة ورئيس الكتلة البرلمانية محمد جميعي خلال جلسة التصويت على قانون التقاعد.
وربط بعض قياديي الحزب المنشقين منه خلال عهدة سعداني ذلك إلى عدم رضى هؤلاء لسياسة ولد عباس الذي جاء لإعادة ترميم العتيد ولمّ الشمل وكذا إعادة الروح النضالية له بعد تخليص الحزب من مناضلي “الشكارة” و”المال السياسي” قبل الموعد الانتخابي المقبل، وهو ما يترجم النية المقصودة لولد عباس في تصفية تركة سعداني من خريطة الأفلان.
وفي هذا السياق، يبدو أن سياسة التصفية والمناورات انطلقت بدايتها من محافظة المدية حيث احتج، أمس، العديد من مناضلي الحزب لمحافظة المدية أمام المقر المركزي للأفلان بالجزائر العاصمة، من بينهم منتخبون محليون وأمناء القسمات، معبرين عن “غضبهم من تصرفات أمين المحافظة بسبب التسيير الفردي والارتجالي له” وعبر المحتجون في بيان لهم تلقت “الحوار” نسخة منه، عن “تنديدهم بما وصفوه بالتجاوزات الخطيرة والتصرفات غير المسؤولة التي ارتكبها هذا المسؤول منذ تنصيبه أمينا لمحافظة الحزب بالولاية، وكذا دوره في النتائج المخيبة التي تحصل عليها الحزب في الانتخابات المحلية بخسارته لأغلبية المجالس البلدية والمجلس الشعبي الولائي التي كان يسيطر عليها الحزب”، مبرزين “التجاوزات التي تحدث عنها هؤلاء في بيانهم العمل على تصفية الحسابات والخلافات الشخصية من خلال زرع الفتنة والتفرقة داخل هياكل الحزب وبين المناضلين والمناضلات، والانفراد في تسيير شؤون المحافظة، الغموض الكلي في التسيير المالي والإنفاق الفردي، وكذا تفضيل مترشحين غير مناضلين وتمكينهم من ترأس قوائم المجالس البلدية ومراتب متقدمة في المجلس الولائي مع تجاهل التعليمات الصادرة عن القيادة المركزية للحزب، عدم العمل بالقانون الأساسي والنظام الداخلي، تهميش وإقصاء اطارات الحزب ذات الخبرة والتجربة”.
وذكر المحتجون أن “هذه التجاوزات كانت محل مراسلات وشكاوي للأمين العام للحزب ولد عباس من أجل التدخل، إلا أن الأمور ظلت -بحسبهم- على حالها، ولهذا كان من الضروري القيام بهذه الخطوة ومطالبتهم بلقاء الأمين العام للحزب ولد عباس وتقديم له شكوى تتضمن توضيح الوضع المتردي الذي تعيشه محافظة المدية بسبب التسيير الفردي والارتجالي وعنجهية أمين المحافظة الذي يتصرف فيها وكأنها ملكية خاصة رغم انه معين فقط وغير مستوفي الشروط المنصوص عليها في القانون الأساسي والنظام الداخلي للحزب”.
وأفاد ذات المصدر انه “تم استقبال هؤلاء الوافدين إلى المقر المركزي للحزب من طرف عضو المكتب السياسي المكلف بالتنظيم الصادق بوقطاية الذي استمع إلى انشغالاتهم ووعدهم بتحديد موعد لهم مع الأمين العام للحزبو وقد ألحوا على ضرورة لقائه في القريب العاجل.
وأشار المحتجون الى انه “لا وجود لأي نشاط حزبي يذكر على مستوى محافظة المدية، والتي يوجد مقرها في وسط المدينة، وهو مغلق منذ المؤتمر التاسع إلى يومنا هذا”، مذكرين أن “الحزب يملك أغلبية المنتخبين على مستوى ولاية المدية، ومع الأسف خسر الحزب مقعد التجديد النصفي لانتخابات مجلس الأمة الأخيرة”.
وأكد المحتجون على “إصرارهم لوضع حد لهذا التدهور والتسيير الفردي والارتجالي وتحرير الحزب على مستوى محافظة المدية من هذه الهيمنة والتعيينات الارتجالية خارج قوانين الحزب، خاصة فيما يتعلق بتنصيب أمناء القسمات العملية التي تشهد فوضى عارمة، حيث قام أمين المحافظة بتعيين عدة أمناء قسمات للقسمة الواحدة”.
مناس جمال