بشير فريك: لا يوجد حبس VIP
بيطام: يمكن لأويحيى وسلال أن يفرّا من العقاب في هذه الحالة
زروق: لوح أفسد العدالة الجزائرية
تغطية: سهام حواس / عبد الرؤوف حرشاوي
تصوير: مصعب رويبي
التنشيط: سفيان حاجي
أكد عدد من القانونيين والولاة السابقين أن الحراك حرر الجميع بما فيها العدالة التي بدأت تتخذ مجراها وتحاسب جميع من كانت له يد في الفساد، ويوضح المحامي بيطام لدى استضافته في منتدى “الحوار”، أن ما يحدث من حملة اعتقالات جاء نتيجة ضغط الحراك الشعبي، متوقعا أن يقضي المتهمون عقوبة تصل إلى 20 سنة سجنا دون تخفيف، كما اقترح عقوبات تكميلية في حق هؤلاء كأن ينزلوا لتنظيف ساحة الحراك كل أسبوع ما يشفي غليل الجزائريين، من جهته تحدث القاضي السابق لدى المحكمة العليا على ضرورة أن يكون المتقاضون سواسية أمام العدالة دون ما يسمى امتياز التقاضي، موجها أصابع الاتهام إلى وزير العدل السابق طيب لوح في إفساد العدالة الجزائرية، في حين كان للوالي السابق بشير فريك حديث عن تفاصيل سجنه وظروف معاملة المسؤولين داخل السجون.
لا يمكن محاكمة الرئيس إلا في هذه الحالة
في السياق أفاد المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا نجيب بيطام أنه قبل الحراك ماكان أحد يتصور ما يحدث بدخول هؤلاء إلى السجن، مؤكدا أن القانون الموضوع من طرف النظام لا يسمح بمحاكمة الرئيس إلا في حالة واحدة وهي الخيانة العظمى.
واعتبر بيطام لدى استضافته بمنتدى “الحوار”، أمس، أن “ما يحدث الآن من حملة اعتقالات وكشف لخيوط الفساد جاء نتيجة ضغط الحراك ولولاه لما توبع وزراء ومسؤولون كبار أمثال أويحيى وسلال وغيرهم”.
وأوضح بيطام بخصوص الإشكال الواقع حول المحكمة العليا، حيث يؤكد قائلا: “المحكمة العليا للدولة لم تؤسس بعد، أين سيحاكم أويحيى وسلال بعد نهاية التحقيق، ثم كم سيستغرق التحقيق، فالقانون يحدد المدة 4 أشهر قابلة للتجديد مرة واحدة، أمام المشرع لتأسيس المحكمة العليا للدولة أقل من 8 أشهر، إن لم يؤسس لقانون هذه المحكمة فيعتبر أويحيى وسلال أحرارا ولا يحق الحكم عليهما”.
ثم يتحدث بيطام عن إشكال آخر، حيث تساءل قائلا: “هل يكفي 8 أشهر للتحقيق في هذه التهم المؤسسة ضد المسوؤلين الموقوفين، إذا لم يتدخل المشرع وينشأ هذه المحكمة يصبح حبس أويحيى وسلال تعسفيا إذا كان واحد من المتهمين نسبت إليه تهمة تبديد المال العام، يحتاج إلى خبرة لمعرفة الكمية، في هذه الحالة هناك حيلة قانونية وهي تمديد الحبس الاحتياطي لأربع مرات ويصل إلى عام حبس، ما يسمح باستكمال التحقيق”.
أما عن العقوبات المنتظرة، يتوقع بيطام أنه: “بالنظر إلى صفاتهم والمهام وقت ارتكاب التهم المادة 85 من قانون مكافحة الفساد تضاعف لهم العقوبة بقوة القانون تصبح من 10 إلى 20 سنة، ولا يستفيدون من التخفيف أبدا”.
واقترح بيطام حلا وسطيا للخروج من الأزمة “أن يستقيل بدوي وحكومته في هذه الحالة يتدخل رئيس الدولة بحكومة أخرى “تكنوقراطية” مهمتها تحضير الانتخابات وتسيير الشأن العام في ظرف ستة أشهر، وبتعيين لجنة تنظيم الانتخابات تسحب بساط التنظيم من وزارة الداخلية، في المقابل يتنازل الحراك عن إقالة عبد القادر بن صالح في حين نحذر من المرحلة الانتقالية والمجلس التأسيسي لأنهما يحملان خطورة كبيرة.
لا يمكن التصرف في أموال هؤلاء المفسدين إلى حين صدور حكم نهائي
كما تحدث المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا نجيب بيطام عن مصير أموال المسؤولين الموقوفين وإمكانية استرجاعها، حيث قال: “ليس في الإمكان التصرف في أموال هؤلاء إلى حين صدور حكم نهائي في القضايا المتابعين فيها، ومصادرة أموالهم تكون في حدود الضرر الذي مس الخزينة العمومية.
أما عن تصريحات المستشار السويسري بإمكانية مساعدة الجزائر في استرجاع الأموال الموجودة في البنوك السويسرية، علق بيطام: “هذه الدول بإمكانها المساعدة من خلال تزويد الجزائر بأسماء وقائمة الحسابات وحجم الأموال الموجودة فيها، أكثر من ذلك لا يمكن أن نحجز أموالهم، كونه يمكن أن يحصل الموقوفون على براءة من التهم الموجهة إليهم، هذا فيما يخص الدول التي نملك معها اتفاقيات، لكن هناك دول لا نملك معها اتفاقيات وهنا يكمن الإشكال”.
حملة الاعتقالات ليست مسرحية
من جهة أخرى أكد بيطام أن حملة الاعتقالات ليست مسرحية لأننا نرى بأنفسنا جميعا كيف يتم اقتياد هؤلاء إلى السجون بعدما لم نكن نتخيل أو ننتظر أن يحدث ذلك.
أما عن إمكانية أن تكون الملفات مهيأة ومتواجدة في الأدراج تنتظر وقت خروجها، قال بيطام: “يمكن أن تكون كذلك، لأن إعداد ملف ثقيل مثل ملف الوزير الأول السابق أحمد أويحيى لا يمكن أن يكون في شهر أو شهرين، الأكيد أنه كانت هناك معطيات جمعت من قبل وأتى الوقت المناسب لإخراجها وهاهي اليوم تؤدي إلى النتيجة التي نشهدها بتواجد أويحيى وعدد من المسؤولين وراء القضبان”.
وأعرب نجيب بيطام عن تمنياته أن تستمر حركية الاعتقالات في حق كل من ثبتت في حقه تهم الفساد، كما نطالب بعقوبات تكميلية على غرار أن ينزل أويحيى أو غيره من المسؤولين الموقوفين إلى تنظيف ساحة الحراك.
ويرى المحامي المعتمد لدى المحكمة العليا أن”وضع الوزير السابق للأشغال العمومية عبد الغاني زعلان تحت الرقابة القضائية عوض سجنه يعود إلى كونه حديث العهد في الحكومة”.
الجميع سواسية داخل أسوار السجن
قال القاضي والمستشار في المحكمة العليا سابقا شعبان زروق إن جميع المتهمين سواسية في السجن حسب التشريعات الجزائرية، ولا يوجد فرق بين سجين وآخر إلا في حالتين تتعلق بمرض السجين حيث تقدم له رعاية خاصة أو في حالة احتمال تعرض المتهم لخطر الاعتداء الجسدي من قبل باقي المساجين، مشيرا إلى أن المسؤولين في بلادنا يمتلكون حق الامتياز القضائي وهو القانون الذي يجب أن يلغى حتى يكون المسؤول والمواطن سواسية أمام قاضي التحقيق.
وأضاف زروق أن: “حق الامتياز القضائي من رواسب النظام ونحن اليوم تحت رحمة هذا القانون ووجب الإسراع في إلغائه”.
وفي نفس السياق قال زروق إن محاكمة المسؤولين تتم عبر الوقوف أمام قاضي تحقيق برتبة مستشار للتحقيق الذي يتميز بخبرته القضائية التي تجاوزت 25 سنة خبرة ولا يخضع إلى أي ضغط ويعمل تحت رقابة القانون فقط.
وأكد زروق قائلا إنه: “قبل الوصول إلى قاضي التحقيق يمر على وكيل الجهورية يملك صفة الضبطية القضائية يقوم باستكمال ملف من خلال بعض التوضيحات التي يمنحها المعنيون بالأمر وعند استكمال الملف يرسل للنائب العام ومنه إلى المحكمة العليا، وبعد ذلك يمر المتهم على قاضي التحقيق، وفي المثول الأول للمتهم على قاضي التحقيق يسأله على هويته ويبلغه بالجنايات المتابع بها والمواد التي تطبق في حالته، ثالثا يسأله عن الإدلاء برأيه أو ينتظر المحامي، والمرحلة الرابعة القاضي يأخذ قراره المناسب بالحبس أو الإفراج أو الرقابة القضائية مثل ما حصل مع الوزير عبد الغني زعلان، وحفاظا على التحقيق والحقائق يتم إيداعهم السجن.
وحسب التحليل – يضيف الوسيط القضائي- فإن إيداع المسؤولين السجن تم بسبب حساسية الملف وللحفاظ على التحقيق دون التأثير على شاهد وأدلة معينة.
واعتبر من جهته الموثق والوسيط القضائي أن الوزير السابق للعدالة طيب لوح أفسد العدالة مرتكبا جريمة “شنعاء” برفع اليد والحجز عن الممتلكات التي كانت محجوزة من طرف العدالة.
ويعتبر شعبان زروق لدى حضوره بمنتدى “الحوار”، أمس، أنه “يجب إزالة وتوقيف التعامل بالامتياز في التقاضي، كون المواطنين سواسية أمام قضاء طبيعي، أنا مع نزع هذه المحكمة في الجزائر الجديدة.
أويحيى لا دخل له في قضية سجن الإطارات
وكشف زروق أن الوزير الأول السابق أحمد أويحيى لا دخل له في ما يعرف بقضية سجن الإطارات، وأن المسؤول الأول على ذلك آنذاك هو الجنرال بتشين، ومستعد أن أذهب إلى القضاء لأنني كنت حاضرا وأخذت التقاعد بسبب ضغط بتشين.
وانتقد الموثق والقاضي السابق في الحكمة العليا نظام الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، حيث قال: “نظام الرئيس السابق زرع منظومة فساد وجمد جميع أساليب الرقابة على غرار مجلس المحاسبة، لكن وجود أجهزة أمنية قوية مكن من الوصول إلى تحرير العدالة وبفضل الحراك توصلنا إلى سجن العديد من المتورطين في الفساد”.
وحث شعبان مرزوق على ضرورة فتح ملفات الفساد في جميع مجالس القضاء الولائية وعدم الاقتصار على العاصمة فقط، ما يسمح – حسبه- بتتبع آثار الفساد في كل ولايات الوطن والعمل على محابة المتورطين فيه.
قضيت 39 شهرا في الحبس المؤقت
وفي تدخله قال الوالي السابق بشير فريك: “بالنسبة لي تم استدعائي من قبل النائب وقائد الناحية ورفضت الذهاب، لأن ملفي تم تحويله إلى رئيس الحكومة أحمد أويحيى، وقد أحال أمر نقلي إلى وهران إلى رئيس المحكمة وتم إرسالي إلى المحكمة العليا بتطبيق رئيس مجلس قضاء وهران.
وأضاف فريك “في التحقيق توضح وجود عناصر اتهام يتم تعيين مستشار محقق وتم استدعائي ووقفت أمام القاضي رفقة المحامية فاطمة بن براهم، تم استجوابي حوالي نصف ساعة وكنت قريبا منه، وصله اتصال من شخص حيث تحدث مع الطرف الآخر مثبتا وجودي معه في المكتب للسائل على الجهة الأخرى من الهاتف، وفي نهاية الاستجواب قمت بنزع ساعتي ومفتاح السيارة ومنحتهم للمحامية في ذلك اليوم، ثم تم استدعائي من قبل المستشار المحقق، وأعلمني بأمر الإيداع، وتم أخذي من قبل الشرطة لسجن سركاجي وفي الطريق استعرضت جميع الأحداث التي حصلت فترة ولايتي وفي داخل سركاجي توجهت لكاتبة الضبط لاستكمال الإجراءات.
وأضاف ذات المتحدث قائلا: “منذ 15 جانفي لم يصبح لي اسما بل رقم، وتم احتجازي في تلك الليلة دخلت على مجموعة من المساجين الذين اعتقلوا في حادثة الأيادي البيضاء في وقت رئيس الحكومة السابق أحمد أويحيى، مجموعة من الإطارات والمدراء.
وأشار فريك أن قدرة الاستيعاب لسركاجي حوالي 1000 لكنهم وصلوا في ذلك الوقت إلى 1500 وكنت في زنزانة غير بعيد عن بومعرافي، وكنت بمفردي لاعتبارات معينة لتفادي الاعتداء الجسدي. ولم أنم الليلة الأولى وذكرت ذلك في كتابي، في القاعة وجدت المساجين منظمين وقتهم بين الصلاة وقراءة القرآن، بعد اليوم الثالث جاءت عائلتي وأخبرني المساجين أنها أصعب لحظة هي مقابلة العائلة لأول مرة، التقيت بابنتي المحامية وأخبرتها أن والدها جرب في الحياة كل شيء ووصل وقت تجريب السجن.
تعودت على تواجدي في السجن ونظامه
ويواصل فريك تفاصيل تواجده في السجن قائلا: “فيما بعد تعودت على تواجدي في السجن ونظامه، ووسط هذا الروتين مررت بعدة محطات وحدثت لي مشكلة مع أحد السجناء، وحصلت على زنزانة خاصة بي، وقرروا وضع الأسرة للمساجين وفي هذه الزنزانة وجدت نفسي بعد غلق الأبواب في الليل أحس أني غير محبوس، أقوم بقراءة الجرائد وكتابة 13 كتابا تم نشر خمسة منها والبقية في الانتظار سيتم نشرها في معرض الكتاب القادم وقد ساعدتني ابنتي في تجميع المراجع.
وأفاد فريك: “أود القول إنه لا يوجد حبس VIP بغض النظر عن تهم الوزراء والمسوؤلين ورجال الأعمال هم أبرياء حتى تثبت إدانتهم وسيعاملون كباقي المتهمين، لكن وعلى اعتبار حالتهم سيتم إبعادهم عن باقي المساجين للحفاظ على سلامتهم الجسدية”.
واعتبر بشير فريك أن المادة 573 تتحدث عن امتياز التقاضي التي كشف لي بشأنها أحد النواب في البرلمان عن الحزب الواحد والذي قال إن القانون المتعلق بالامتياز القضائي وضعه علي بن فليس عندما كان وزيرا للعدل والمعروف أن بن فليس عندما تبوأ منصب وزير العدل قام بعدة إجراءات وتعديلات قانونية.
من الصعب جدا أن نجمع الإطارات التي سجنت سابقا
ويرى بشير فريك أنه “من الصعب جدا أن نجمع الإطارات التي سجنت سابقا، أو ما يسمى بالأيادي النظيفة وتنظيم أنفسهم من أجل رد الاعتبار ورفع دعاوي قضائية ضد من كان سببا في سجنهم، فقد حاولوا من قبل لكنهم لم ينجحوا، سنتبع الإجراءات في إطارها القانوني، مثلا ليس لي حكم نهائي منذ 2007 يوم آخر حكم، نتمنى أن يراعي القضاة النصوص القانونية في اتخاذ القرارات من أجل أن تأخذ العدالة مجراها مستقبلا”، مضيفا في السياق ذاته “نتمنى أن يأتي الحراك بجزائر جديدة بكل المقاييس خاصة العدالة التي نتفاءل خيرا فيها”.
ومن جهته يعتبر بشير فريك أن “استغلال الإطارات سواء المسجونة أو من سبق وتولت المسؤولية الفراغ في الكتابة من شأنه تنوير الرأي العام والإطارات الشباب مستقبلا في كيفية تسيير شؤون الدولة.