أكدت العملية النوعية التي قام بها الجيش الوطني الشعبي، في أعالي جبال البويرة، قدرة الجيش الوطني الشعبي ومصالح الأمن على السيطرة على خلايا الإرهاب واستئصالها، وكشفت في الوقت نفسه على حقد دفين تكنه جهات أجنبية لنجاحات الجزائر في التصدي لظاهرة العنف المسلح.
ورغم أن عمليات مكافحة الإرهاب التي يقوم بها الجيش لم تتوقف منذ أن بدأ الإرهاب الأعمى يضرب الجزائر مطلع التسعينات، إلا أن الحصيلة الثقيلة للعملية الأخيرة التي جرت بغابة فركيوة، 70 كيلومتر شمال شرق ولاية البويرة، والتي مازالت مستمرة بدورها إلى حد كتابة هذه الأسطر، أكدت من جديد ثبات الجزائر على عقيدتها العسكرية القاضية بضرب الإرهاب والتطرف دون هوادة، كما أعطت مشاركة ثلاثة قطاعات عملياتية في الهجوم، الانطباع بجاهزية الجيش ومدى احترافيته وامتلاكه لترسانة هائلة من الأسلحة المتطورة. وتفيد المعلومات، أن نجاح العملية ودقتها يعود إلى احترافية غرفة العمليات التي كان يشرف عليها شخصيا قائد الأركان نائب وزير الدفاع، الذي كان يتابع التفاصيل الى غاية الإجهاز على الإرهابيين.
وفي أول رد فعل رسمي على العملية، وصف وزير الدولة وزير الشؤون الخارجية والتعاون الدولي، رمضان لعمامرة، عملية البويرة بـ ” الجريئة” و”القفزة النوعية”، وقال إن حصيلة العملية تثبت أكثر من أي وقت مضى أن الجزائر في ريادة الكفاح ضد الإرهاب.
وشدد المسؤول ذاته في حديث للصحفيين، أمس، على “الصدى” الذي خلفته هذه العملية، وهو ما من شأنه أن “يجعل العالم يتأكد أكثر فأكثر أن هناك دولا رائدة في محاربة الإرهاب والجزائر تأتي في مقدمتها”، في إشارة إلى تحامل بعض الأطراف الأجنبية على الجزائر في تعاطيها مع ملف الإرهاب، خصوصا وأن وسائل إعلام فرنسية وغربية وصفت المجموعة الارهابية التي تم القضاء عليها بـ”المناضلين”، وهو موقف ليس غريبا على تلك الجهات التي تعاطت بشكل غريب مع المحنة التي مرت بها الجزائر لأكثر من عقدين، وسوقت لسنوات لأطروحة “من يقتل من”.
ويرى اللواء المتقاعد عبد العزيز مجاهد، في تصريح لـ”الحوار”، أن العملية التي قامت بها وحدات الجيش الوطني الشعبي المشتركة بين ثلاثة قطاعات عملياتية، والتي توجت بالقضاء على 25 إرهابيا ، من بينهم خليفة قوري، أمير جند الخلافة في الجزائر، تعكس احترافية عالية وعملا استخباراتيا كبيرا، ونوّه اللواء مجاهد، أن تنفيذ هذه العملية والتنسيق بين قطاعات عملياتية تحت قيادة مختلفة لتنفيذ عملية من جبهات مختلفة ليس بالأمر الهين.
وفي سياق متصل، أشار المتحدث نفسه، أن هذه العملية كانت تحتاج إلى تنسيق استخبارتي كبير، موضحا أن الأمر المؤكد هو أنه قد سبق تنفيذ العملية تحضير لمدة طويلة، تميزت برصد تحركات هذه المجموعات، كما تم جمع كل المعلومات، كما سبق الهجوم -حسبه- تحضير الوحدات الأمنية للاشتباك، حيث اعتبر أن تنفيذ عملية عسكرية تقودها 3 قطاعات عملياتية من بومرداس، البويرة والبليدة تحت قيادات مختلفة ويكون فيها التدخل من كل جهة، تعكس تنسيقا عاليا وتحكما كبيرا من طرف الأجهزة الأمنية.
من جهته، قال الضابط السامي المتقاعد في جهاز المخابرات، محمد خلفاوي، أن العملية النوعية التي خلّفت سقوط 25 إرهابيا وأسر 04 آخرين أحياء، لتذكرنا بالعمليات النوعية التي جرت في تسعينات القرن الماضي، تمت بمهنية عالية وتحمل دلالات بالغة على التنسيق المحكم بين الوحدات العسكرية لثلاث قطاعات عسكرية بالناحية العسكرية الأولى، استنادا إلى معلومات دقيقة قدمتها الأجهزة المختصة عن رصد تحركات المجموعات الإرهابية، وأبرز دليل على الدقة والاحترافية في الآداء – حسب العقيد خلفاوي هو عدم سقوط خسائر بشرية في صفوف القوات المشتركة في العملية.
وفي معرض رده على سؤال ” الحوار” حول تأثير هذه العملية على المجموعات الإرهابية، قال صاحب كتاب “الاستعلامات… رهان حرب صامتة “، أن القضاء على رؤوس العمل الجهادي وعلى رأسهم أمير ما يسمى بتنظيم جند الخلافة بشير خزرة، المكنى بأبي عثمان العاصمي، سيساعد في تفتيت الجيوب الإرهابية وانشطارها تمهيدا للقضاء عليها نهائيا، داعيا في السياق ذاته إلى فتح نقاش مجتمعي واسع حول الفكر الجهادي.
نبيل.ع