اعتبر الصحفي الجزائري المقيم في تونس، نصر الدين بن حديد، في حديثه مع ”الحوار” الأجواء العامّة التي تعيشها تونس، سواء على مستوى العلاقة المتوتّرة بين الأطراف السياسيّة، أو ما هو الموقف الإماراتي المعلن والصريح والذي لا يحمل لبسا من ”الإسلام السياسي” عامّة ومن ”التوجه الإخواني” على وجه الخصوص، يجعل المقال الذي نشر على موقع ”موند أفريك” حول الانقلاب الفاشل في تونس، يأخذ أهميته، مشيرا الى الدور الكبير الذي تلعبه الجزائر في الحفاظ على تأمين الاستقرار لدى الجارة تونس بكلّ الوسائل، مردفا أن الإمارات العربيّة المتحدة تعمل منذ اندلاع ما يسمّى ”الثورات العربيّة” على وأد أيّ نفس إخواني فيها، ليعرج بالقول إن المقال مصدر المعلومات يمثّل جزءا من الحرب الدائرة علنًا داخل الدائرة السياسيّة الفاعلة من أجل السيطرة على مقاليد البلاد راهنا استعدادا لموعد ٢٠١٩.
هل تعتقد أن ما أورده التقرير الفرنسي حول محاولة الانقلاب في تونس، يتلاءم مع المشهد السياسي التونسي، علما أن البعض يعتبر أن من بين أهدافه -محاولة الانقلاب-، إبعاد حركة النهضة كلية من الحياة السياسية؟
أهمّ بكثير ممّا ورد ضمن مقال موقع ”موند أفريك” الأجواء العامّة التي تعيشها تونس، سواء على مستوى العلاقة المتوتّرة بين الأطراف السياسيّة، أو ما هو الموقف الإماراتي المعلن والصريح والذي لا يحمل لبسا من ”الإسلام السياسي” عامّة ومن ”التوجه الإخواني” على وجه الخصوص. وسط هذه الأجواء يأخذ المقال، وخاصّة المعلومات، أهميتها، حين كانت إقالة وزير الداخليّة السابق لطفي براهم بأسلوب مهين وغامض، علما أنّ الشواهد عديدة على وجود خلاف شديد وتباين عميق، بل هي عداوة معلنة بين كلّ من يوسف الشاهد رئيس الوزراء ولطفي براهم وزير الداخيّة.
برأيك، لماذا حاولت الإمارات إحداث تغييرات في رأس الدولة التونسية؟
الإمارات العربيّة المتحدة تعمل منذ اندلاع ما يسمّى ”الثورات العربيّة” على وأد أيّ نفس إخواني فيها، سواء في تونس أو ليبيا أو مصر، وسط حملة إعلاميّة يقودها الإعلام الإماراتي دون هوادة وفي عنف شديد، مع عديد الدلائل عن تمويل إماراتي لأيّ جهة معادية لأيّ حزب أو حركة إخوانيّة.
؟ ما هو الدور المتوقع لحافظ قائد السبسي نجل الباجي قائد السبسي في الحياة السياسية مستقبلا أمام محاولة عزل والده؟
يستمدّ حافظ قائد السبسي وجوده السياسي، ومن ثمّة شرعيته، وبالتالي حظوظه، من وجود والده على رأس الدولة وعلى رأس حركة نداء تونس، إلاّ أنّ الانتخابات البلدية الأخيرة جاءت لتلقي بظلالها وتمسّ هذه السيطرة، حين تراجع نداء تونس من الحزب الفائز بانتخابات ٢٠١٤ سواء منها التشريعيّة أو الرئاسيّة إلى المرتبة الثانية بعد حركة النهضة، ممّا كان له فعل الزلزال وجعل عديد الأطراف ترفع صوتها مشكّكة في أداء حافظ قائد السبسي، وطارحة كذلك أسئلة بخصوص انتخابات ٢٠١٩.
الاتهامات التي وجهها يوسف الشاهد بالاسم إلى حافظ قائد السبسي عبر خطاب بثه التلفزيون التونسي، أبرز حجم التناقضات داخل النداء الذي ينتمي إليه كلّ من الشاهد وحافظ، علما أنّ هذا الأخير يصرّ علانيّة وبصوت عال على رئيس حكومة الشاهد التي يصفها بالفاشلة.
السلطات التونسية على لسان نائب رئيس الحكومة، قالت انها لن تتفاعل بصفة متسرعة مع ما ينشر عبر وسائل الإعلام حول هذه الواقعة؟ وفي حال توفرت الدلائل والقرائن فإنها ستحيل الملف على القضاء؟ لماذا تريثت السلطات التونسية في اتخاذ قرارات حاسمة في الموضوع؟
دون الدخول في تأويل النوايا، المقال مصدر المعلومات يمثّل جزءا من الحرب الدائرة علنًا داخل الدائرة السياسيّة الفاعلة من أجل السيطرة على مقاليد البلاد راهنا استعدادا لموعد ٢٠١٩، ومن ثمّ كلّ طرف من الأطراف المتصارعة يحاول في الآن ذاته تفعيل الأزمة لصالحه وأيضًا الضغط بها على الطرف المقابل، ويظهر ذلك على مواقف الأحزاب والشخصيات السياسيّة، علما أنّ موقف الحكومة يبحث في الآن ذاته عن عدم الظهور في صورة المتأثر بما جاء في المقال وأيضًا المتفاعل معه كما يجب.
حقوقيون تونسيون اتهموا وزير الداخليّة المقال بأنه كان ضمن هذا المخطط لتحجيم تواجد الإسلاميين في المشهد السياسي.. كيف يمكن أن نحكم على صدقية هذه الشكوك من عدمها؟
لا يخفى على أحد في تونس أنّ من الأسباب التي عطلت في حينها تشكيل حكومة الشاهد ما يتمثل في رفض حركة النهضة تسمية لطفي براهم على رأس وزارة الداخليّة، والرجل من مدرسة أمنيّة تؤمن بجدوى العصا الغليظة في التعامل مع الإسلام السياسي، لذلك بقيت العلاقة متوترة بينه وبين النهضة، وفتح الباب للتأويل بأنّ الإقالة جزء من صفقة بين الغنوشي والشاهد، تدعم من خلالها النهضة رئيس الوزراء الحالي مقابل إقالة لطفي براهم.
؟ ما هي حظوظ تونس في مواجهة هذا المد، على اعتبار أن الثورات المضادة التي تقودها الإمارات بالمنطقة على شاكلة ما يجري في ليبيا قد أفلحت في الكثير منها؟
بالنسبة لتونس، ضعف الدولة وتشتت قواها يحدّ من القدرة على مواجهة التدخلات الأجنبية بالشكل المباشر، بل السافر الذي نشهده، وهو باد على وسائل الإعلام، ممّا حوّل تونس إلى ساحة صراع مفتوحة، تحاول من خلالها الإمارات وغير الإمارات تسجيل نقاط وتحصيل مواقع.
كيف يمكن أن تأثر الأوضاع الاقتصادية المتأزمة في البلاد ينمي مثل هذه التحرشات الخارجية على تونس؟
جميع المؤشّرات الاقتصاديّة في تونس في تراجع، بعضها أو هو أغلبها بشكل خطير، خصوصا مع ارتفاع الأسعار وتراجع القدرة الشرائيّة ومزيد الحاجة إلى القروض الأجنبيّة ممّا يرهن القرار السيادي لتونس، وثانيا يعمّق الأزمة الاقتصاديّة ويوفّر مزيد الشروط لانفجارات اجتماعيّة قد تقع في المستقبل
التقرير يشير إلى أن جهات فرنسية و أمريكية و جزائرية هي من كشفت المخطط الإماراتي، و أبلغت السلطات الفرنسية به؟
أهميّة تونس متأتية من بعدها الرمزي، على اعتبارها أولى دول ما يسمّى الربيع العربي، وثانيا من موقعها الجغرافي الحساس، الملاصق لكلّ من ليبيا والجزائر أولا والقريب جدّا من السواحل الأوروبيّة، ومن ثمّ هناك توافق جزائري أوروبي على ضبط الوضع في تونس وعدم ذهاب الأوضاع فيها إلى مزيد التأزيم، ممّا يفسّر الأخبار الرائجة عن وجود تحذيرات قادمة من الجزائر وألمانيا خاصّة عن وجود تهديدات للأمن في تونس.
؟ ما الدور الذي يجب على الجزائر أن تلعبه في استقرار تونس أمنيا واقتصاديا وسياسيا؟
أمن الجزائر مرتبط شديد الارتباط بأمن جيرانها أولا، وكذلك بعد تجاوز العشريّة السوداء بنجاح والقدرة التي أصبحت للمنظومة الجزائريّة سواء منها الأمنيّة أو العسكريّة على ضبط الأوضاع في الداخل، إضافة إلى انعدام الحاضنة الشعبيّة للإرهاب، جعل أيّ محاولة للمسّ من استقرار الجزائر تكون من الخارج في نصيبها الأكبر، لذلك تعمل الجزائر على تأمين الاستقرار لدى الجارة تونس بكلّ الوسائل، سواء من خلال الوساطات التي كانت بين النهضة والنداء، وأيضًا بالتعاون الأمني والعسكري، دون أن ننسى مساهمة السياح الجزائريين في إنعاش الاقتصاد التونسي بشكل كبير، لأنّ أيّ انحراف للوضعين الاقتصادي والاجتماعي ومن ثمّ الأمني في تونس، شديد الخطورة على الأمن في الجزائر.
القوة الجزائريّة الكبرى ورقتها الاستراتيجية أنها أثبتت من خلال التصريحات كما المواقف، وخصوصا الممارسة، أنها تقف على المسافة ذاتها من جميع الفرقاء السياسيين في تونس، ولم تتورط إعلاميا ولا سياسيا في الحرب الدائرة داخل تونس سواء للسيطرة على مقاليد البلاد أو للاستعداد لانتخابات ٢٠١٩.
حاوره: نورالدين علواش