لا أحد يستطيع أن ينكر ذلك العقل -الرأس الكبير- الذي يتمتع به الأستاذ طارق رمضان، قوة في التحليل والنقاش، وقدرة خارقة في إقناع الخصوم خاصة من المفكرين والكتاب الفرنسيين، الذين يحاولون كل مرة رمي الدين الإسلامي ووصفه بكل النعوت، وإلصاق به كل السلبيات، من دعوة إلى التعصب والتطرف والتخلف وغيرها من الأوصاف الشنيعة غير المنصفة!!.
فكان الأستاذ طارق رمضان أحد المفكرين الإسلاميين الذي أبلوا بلاء حسنا دفاعا عن دين وعقيدة الأمة الإسلامية، خاصة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وعمل خفافيش الظلام، سرا وعلانية من أجل توريط الإسلام والعاملين فيه، كدين يدعو ويحرض على الإرهاب، دين التقتيل والموت ونشر الخوف والهلع في أوساط الشعوب المسالمة في كل بقاع العالم كما يدعون!!.
فالأستاذ طارق رمضان لا أحد يستطيع أن ينكر عليه جهده واجتهاده في هذا الميدان الملغم، خاصة في دفاعه عن الحقوق الدينية والاجتماعية والسياسية للأقلية المسلمة، وطرحه المعتدل، مخاطبته للشباب المسلم في أوروبا كأوروبيين لهم وطن وتاريخ وقومية، ثم كمسلمين ثانيا لهم أمة واسعة ينتمون إليها، وحديثه لهم بالاندماج الكامل، نصرة قضايا بلدانهم، تمسكهم بالديمقراطية وبالحرية، والمشاركة الإيجابية في بناء أوروبا الغد، تحمل بصمات وآثارا لعقول وأيادٍ مسلمة.
وفجأة حدث الذي حدث، عندما اتهمته إحدى النساء بالتعدي عليها جنسيا واغتصابها بعد مراسلات غرامية عديدة كانت بينهما، فكانت هذه مادة دسمة لمختلف وسائل الإعلام، الباحثة منها عن الإثارة وإظهار الحقيقة، أو تلك التي تعمل تحت أجندة، وجدتها فرصة لضرب الإسلام عن طريق شخصية فكرية ملتزمة مثل الأستاذ طارق رمضان، وبالتالي كسره وكسر معه كل مشروع نهضوي إسلامي في أوروبا يدفع بالأوروبي المسلم بالتقدم رويدا رويدا إلى مناصب عليا في صناعة القرار.
في رأيي الشخصي إن كان حقا أن الأستاذ طارق رمضان قد وقع في أمر مثل هذا فهي مشكلته الشخصية، هي نزوة وضعف كل إنسان معرض لها، لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنسينا جهوده وأفكاره النيّرة وقوة عقله في الحوار والإقناع ومجادلة المخالفين بالتي هي أحسن.
ولهذا، فكثير ما يخطىء أصحاب المشروع الإسلامي عندما يقدمون أنفسهم أو بعضهم البعض كدعاة ومفكرين في الحقل الإسلامي أمام الجماهير ووسائل الإعلام والآخرين، وكأنهم رسل وأنبياء وقديسين لا يخطئون ولا تزل بهم أقدامهم في مثل هذه الشبهات، فعلى العكس تماما، لابد أن ننبه إلى أنهم بشر مثل كل البشر، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، قد يصيبون وقد يخطئون، لكن الأهم من كل هذا، وما يعنيني أنا شخصيا هو النظر إلى ما تحمله رؤوسهم الكبيرة من فكر وطرح، ما تحمله عقولهم، ما يأتون به من حلول نيرة وآراء سديدة لقضايا الجالية المسلمة في العالم الغربي، وليس النظر والحكم عليهم من خلال نزوات عابرة -رؤوسهم الصغيرة- قد يسقط فيها حتى العارفين بالله، فهم بشر، ولا عصمة لأحد، مساندتي الكاملة للأستاذ طارق رمضان، تمنياتي له الخروج السريع من هذه المِحنة وعودة قوة إلى منتدى العقول “الرؤوس” الكبيرة.