يجزم الخبير الطاقوي والمدير العام الأسبق لمجمع “سونطراك” عبد المجيد عطار، أن أسعار النفط لن تستعيد عافيتها حتى بعد التخلص من وباء كورونا، مبرزا أن تداعيات الفيروس على سوق الطاقة في العالم بلغت ذروتها بعد أن اقترب النفط المخزن أقصى حدوده المقدرة ب06 مليار، ونوه أن الجزائر التي انخفض استهلاكها إلى 50 بالمائة قد يتحتم عليها لاحقا إنتاج إلا ما تحتاجه.
▪︎ حاوره : رضا ملاح
● بداية، هل لكم أن تشرحوا لنا السابقة التاريخية لأسعار النفط السلبية وتداعياتها على باقي الأسواق الدولية ؟
ما حدث في أسعار العقود الآجلة جد إستثنائي كما أنه خاص بالسوق الأمريكي الذي تحكمه ظوابط ومفاتيح غير موجودة في باقي الأسواق، ففي أمريكا السوق حر تعرض فيه المحروقات للبيع في كل وقت وبعقود مختلفة، نقطة التحول التاريخية حدثت لما بلغ المخزون الأمريكي 80 % بسبب تقشي وباء كورونا كوفيد19 الذي شل الإقتصاد، وهذا ما أدى بالمنتجين إلى بيع كميات من النفط في إطار العقود الآجلة لشهر جوان والتي من المفروض أن تعرض في شهر ماي، عرضوها شهر أفريل .
المنتجون في أمريكا سارعوا طرح العقود الآجلة خوفا من عدم توفر على أماكن لتخزين النفط، لذلك عرضت عقود شهر ماي في أفريل، فضلا عن أن السوق الأمريكي معروف يحكمه “سماسرة”، لذلك يعد ما حدث سابقة في تاريخ سعر برميل النفط .
● مع تواصل الأزمة الصحية وتراجع الاستهلاك العالمي بنحو 20 مليون برميل يوميا، هل نشهد سيناريو مماثلا خارج السوق الأمريكي؟
حاليا تشير التقارير الدولية إلى انخفاض استهلاك النفط ب 20 مليون برميل يوميا، لكن حسب تقديري الشخصي أرى أن ان الانخفاض يزيد عن ذلك، على اعتبار أن ما نسبته 56 % من الإنتاج العالمي يستهلك في قطاع النقل، وهذا الأخير انخفضت حركته بنحو 50 %، وإذا وضعنا في الحسبان أن معدل الإنتاج اليومي العالمي يقدر ب98 مليون برميل، إذا الطلب على الاستهلاك اليومي انخفض بأزيد من 22 مليون برميل .
● عودة الحياة الإقتصادية تدريجيا إلى الصين بعد سيطرتها النسبية على الوباء، هل سينعش الأسعار باعتبار بكين أكبر مستهلك للنفط؟
صحيح أن الصين تحكمت نسبيا في الوباء وعاد النشاط لعجلة اقتصادها، لكن لا زالت تسجل مؤشرا سلبيا للنمو يقدر 06 بالمائة، أما حاجتها للبترول الآن لن تنعش الأسعار، لسبب وحيد هو أن بكين استغلت إنهيار الأسعار، خلال الأشهر الماضية، وخزنت كميات هائلة وبمعدل شراء أقل من 30 دولار للبرميل، حيث يقارب مخزونها حاليا ما نسبته 100 % وتستغل مصفاتها الآن ما نسبته 20 % فقط، أي أنها لن تحتاج تلك كميات لتشتريها ولعدة أشهر .
● نفهم من إجابتكم أن حتى مخازن النفط للدول الأكبر استهلاك ممتلئة؟
أكيد، الدول المستهلكة للنفط كالصين اغتنمت فرصة انخفاض أسعار لتخزين كميات كبيرة جدا، إذ بلغ النفط المخزن عالميا 5.7 مليار ويقترب من حده الأقصى المقدر ب6 مليار وهذا أمر خطير وتداعياته أخطر بالنسبة للدول المنتجة، حتى لو يتوفر الإنتاج لا يوجد من يشتريه .
● كيف ومن يتحكم الآن في السعر المرجعي للسوق ؟
في هذه الحالة التي بلغت فيها مخازن النفط حدودها القصوى، لا الولايات المتحدة الأمريكية ولا روسيا ولا السعودية يمكنها التحكم في سعر السوق، وحتى عندما يتعافى العالم من وباء كورونا ستخضع الأسعار لرحمة الدول المستهلكة ويستمر ذلك لعدة أشهر، لأنها لا تحتاج إلا لشراء كميات قليلة مقارنة مع معدل استهلاكها اليومي في الحالات العادية.
● من منطلق ما سبق لكم ذكره، هل يمكن أن تصل الجزائر لبيع برميل البترول بأسعار سالبة مثلا ؟
لا، أستبعد ذلك، الجزائر لن تصل إلى مرحلة بيع برميل النفط بسعر سالب، وفي أسوأ الأحوال ستنتج ما تستهلكه وربما ما يحتاجه المستهلك في السوق، مؤكدا أن استهلاك البلاد منذ بداية أزمة وباء كورونا انخفض بنحو 50 % .
● حسب تقديراتكم، متى تتوقعون أن تتعافى الأسعار؟
في حال تم السيطرة على الوباء في القريب العاجل وعادت الحركة الاقتصادية إلى طبيعتها، الأسعار لن تستعيد على الأكثر سعر 35 دولار إلا في آخر السنة وغير ممكن قبل ذلك لسببين، الأول يتمثل في الشلل الاقتصادي الذي مس تقريبا كل أنحاء العالم، والثاني يكمن في أن احتياطي التخزين العالمي الذي قارب أقصى طاقة استيعابه سواء في المخازن، البواخر والأنابيب يستغرق وقتا معينا لتصريفه .