صابر عارف
اللقاء التاريخي بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في واشنطن الذي جرى هذا الأربعاء هو اللقاء الذي سيرسي الأسس والثوابت الأمريكية الجديدة في العهد الترامبي الجديد المنحاز لإسرائيل كما لم تكن يوما بهذا الانحياز والصلف المبالغ فيه ، ولا شك أننا سنكون أمام عهد جديد في العلاقات بين الطرفين المعاديين لنا كفلسطينيين أساسا، وليس غريبا أن يصف نتنياهو زيارته إلى واشنطن بأنها ذات أهمية قصوى، وستعزز وتقوي التحالف القوي أساسا بينهما، مؤكدا عمق التحالف الذي أثبت دوما قوته ومتانته، مشيرا إلى مواقفه المنسجمة تماما مع مواقف الرئيس الأمريكي فيما يتعلق بـ”التهديدات والفرص”.
جدول الأعمال سيكون حافلا بالمواضيع التي طالما تحدثنا عنها، وحتما سيحظى الموضوع الذي شغل الرأي العام الأيام الماضية المتعلق بتعيين تسيفي ليفني بمنصب دولي في الأمم المتحدة باهتمام بالغ، خاصة بعد قرار مجلس الأمن رقم 2334 بخصوص الاستيطان في الزمن “الأوبامي”، الذي لابد من الانقلاب عليه، حيث يحرص الطرفان على تعزيز النفوذ الإسرائيلي في المنظمة الدولية التي تشاكسهم أحيانا، وسيجدان ضالتهما بتعيين ليفني للانقلاب على القرار وعلى غيره من سياسات دولية تعتبرها إدارة ترامب بأنها منحازة للفلسطينيين !!!.
أدخلت إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تغييرات كبيرة جدية على السياسة الأميركية تجاه الفلسطينيين، تمثلت في الامتناع حتى اليوم عن إجراء أي اتصالات سياسية رسمية، أو الرد على الرسائل التي وجهها محمود عباس، ومنها رسالة تهنئة لترامب بالفوز، ورسالة تهنئة ثانية بتوليه منصب الرئاسة بعد تنصيبه، بما تضمنته من استعداد فلسطيني للعمل مع الإدارة الجديدة من أجل تحقيق تقدم في عملية السلام. وجمّد ترامب مساعدة مالية بقيمة 221 مليون دولار عن العام الماضي، وامتنعت إدارته عن إدانة سلسلة كبيرة من مشاريع التوسع الاستيطاني الإسرائيلية.
قبل إعلان الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، يوم الاثنين الماضي، عن أسفه الشديد لعرقلة الولايات المتحدة تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض مبعوثا للمنظمة في ليبيا، معتبرا أن هذا الأمر يمثل “خسارة” لعملية السلام فيها. كان ما زال الغموض يلف مسألتي تعيين وزيرة الخارجية الإسرائيلية، تسيبي ليفني، نائبا للسكرتير العام للأمم المتحدة، مقابل تعيين سلام فياض، رئيس الوزراء الفلسطيني السابق، موفدا أمميا إلى ليبيا، فقد قدّم الأمين العام للأمم المتحدة الذي تربطه حسب الإعلام الإسرائيلي علاقات قديمة بليفني، اقتراحاً لإسرائيل بتعيينها نائبة للأمين العام للأمم المتحدة، مقابل تراجع تل أبيب وواشنطن عن رفضهما تعيين رئيس الحكومة الفلسطينية السابق سلام فياض مبعوثاً للأمم المتحدة إلى ليبيا. وكما تفيد المعطيات الأخيرة فإنهما لم يتراجعا عن الاعتراض على فياض، وليس معلوما ما الذي سيقرره اجتماع واشنطن بخصوص تعيين ليفني وبأي طريقة سيحاولون فرضه، الأمر الذي يفرض علينا المزيد من اليقظة والحذر.
من يدقق في مسيرة وتسلسل الأحداث لابد و أن يدرك أن وراء الأكمة ما وراءها، ففي البداية وكما ذكرت المصادر الإعلامية في مكتب ليفني، فإن أنطونيو غوتيريس، استقبل قبل أسبوعين ليفني في مكتبه الأممي، وماهي إلاّ بضعة أيام وتم تسريب الأنباء عن نية الأمين العام تعيين فياض في المنصب الجديد، ولاستكمال عملية التمويه والتضليل ثارت ثائرة كل من واشنطن وتل أبيب بتنسيق وتناغم كشف عنه موقع ” يديعوت أحرونوت” الإلكتروني، عندما ذكر أن الخطوة الأمريكية ضد تعيين سلام فياض، جاءت ثمرة تعاون وتنسيق أمريكي إسرائيلي مسبق، حيث جرى قبل أسبوع اجتماعا بين السفيرين الأمريكي والإسرائيلي في الأمم المتحدة بهذا الخصوص، فسارعت وأعلنت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، على إثره رفض بلادها لتعيين فياض مبعوثاً في ليبيا، معللة ذلك بأنها لا تعترف بدولة فلسطين، وأن هذا التعيين فيه إشارة إلى ذلك. وقالت هالي في بيان “منذ فترة طويلة جدا، كانت الأمم المتحدة منحازة للسلطة الفلسطينية بشكل غير عادل، على حساب حلفائنا في إسرائيل، وقال فيما بعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، كاشفا حقيقة اللعبة المؤامرة .. إنه رفض تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض في منصب للأمم المتحدة، دون تعيين شخصية إسرائيلية بمنصب أممي في المقابل. وأضاف نتنياهو “ آن الأوان لتبادلية في علاقات الأمم المتحدة مع إسرائيل، وفي حال طرح منصب مناسب، سنأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار”.
بات واضحا وفي حكم المؤكد أنه لم تكن محاولة تعيين رئيس الوزراء الفلسطيني السابق سلام فياض موفدا أمميا إلى ليبيا إلا مجرد جسر وقنبلة دخانية للتغطية على العبور الإسرائيلي لاقتحام الأمم المتحدة ، ويبدو أن “حق النقض” الأمريكي ضد تعيين د. فياض” أدى إلى كشف ما كان “مستورا” من نوايا غوتيريس″، حيث قال المتحدث باسمه، في تصريح له نقلته وكالة الأنباء الفرنسية ونشر يوم السبت الموافق 11 فبراير 2017، أنه ” لم يتم منح مناصب رفيعة المستوى في الأمم المتحدة لأي إسرائيلي أو فلسطيني، وهذا “وضع يشعر الأمين العام بأنه يجب تصحيحه”، حيث يحاول غوتيريس، أن يمنح دولة الكيان “أحد أخطر أشكال الاختراقات السياسية الدولية بتسمية شخصية إسرائيلية في منص دولي رفيع..”.
يتضح الآن، أن غوتيريس لجأ إلى “مناورة سياسية خبثية” لتمرير تعيين القاتلة ليفني تأكيدا لمواقفه الداعمة للكيان الصهيوني التي كان قد أعلنها جهارا نهارا في لقاء له مع “صوت إسرائيل” باللغة العبرية، عندما قال “إنه يؤمن بالصلة بين القدس واليهود”، وبأن “الهيكل المقدس في القدس، الذي قام الرومان بهدمه، كان هيكلا يهودياً”!!! .
كاتب فلسطيني