منصور عيسى/خبير في الفلاحة و مستشار التصدير
إن عمليات تصدير المنتوجات الفلاحية الجزائرية ضعيفة جدا ، قيمة تصدير الخضر لا تتجاوز 4 ملايين دولار اما الفواكه فلا تتعدى 64 مليون دولار منها ما يقارب 61 مليون دولار من صادرات التمور. ان تصدير المنتوجات الفلاحية تشق طريقها بصعوبة الى الاسواق الخارجية و ذلك لعدة مشاكل تتعرض سبيل مسار التصدير ككل و الذي لا يمكن ترقيته الا بمرافقة السلطات العمومية على اكثر من صعيد لان رغبة المتعاملين وحدها لا تكفي. هل بامكاننا حاليا ان نلبي حاجيات الاسواق الدولية ان حصل و انتزعنا عقود تصدير؟ هل بامكاننا ان نلبي طلبيات المستورد الاجنبي بالكميات و بالنوعية المطلوبة ؟ ما هي المنتوجات الفلاحية التي من شأنها ان تصدر ؟ ما حال انتاجها؟ ما حقيقة مسارها؟
شيء جميل أن نفكر في تنويع صادراتنا إلى الخارج و شيء أجمل أن نفكر في المنتوجات الفلاحية لتحقيق ذلك و لكن الرهان على الإنتاج الفلاحي لوحده دون تذليل الصعوبات الأخرى لن يأتي بأي نتيجة . التصدير مسار تتخلله عدة متطلبات و لا يمكن نجاحه إلا إذا اكتملت كل هذه المتطلبات في نفس الوقت .
ماذا نصدر؟ كيف نصدر؟ الى اين نصدر؟
عمليات التصدير تتطلب الإجابة على ثلاث أسئلة أساسية: ماذا نصدر ؟ كيف نصدر ؟ إلى أين نصدر؟ الإجابة على هذه الاسئلة تعطينا فكرة عن ” قدراتنا التصديرية ” الحالية
ماذا نصدر؟ …. يخص تحديد المنتوجات التي يمكن تصديرها و هنا نقول أن معظم المنتوجات الفلاحية باستطاعتها التواجد في الأسواق الخارجية شريطة أن يكون إنتاجها مطابق للمعايير المفروضة في الدول المستوردة و شريطة إن يكون الإنتاج وفير لأجل ضمان ديمومة التصدير و ضمان احترام التعاقدات فيما يخص الكميات وإرسالها في أوقاتها المحددة كما يجب أن تكون المنتوجات المعول عليها تنافسية من حيث الجودة و السعر. للجزائر خاصية قد لا نجدها في العديد من الدول هي ان الكثير من المنتوجات الفلاحية متوفرة تقريبا على مدار السنة
كيف نصدر ؟ …… و يخص كل ما هو لوجيستي (logistique) كالشحن البحري و الجوي و البري و هنا تكمن الصعوبات كلها . ان انعدام الارضية اللوجيستية الخاصة بالتصدير عائق كبير أمام ترقية صادرات المنتوجات الفلاحية ، فبلادنا تسجل عجزا كبيرا في وسائل شحن السلع إلى الأسواق الخارجية مع العلم أن هده المواد معرضة للتلف و لا يمكنها الانتظار كثيرا في الموائى و المطارات و لا يمكن ان نضبط اوقات التصدير على مرور الباخرات على موانئنا ، من اسباب كسب الثقة و الحفاظ على الاسواق الخارجية هو احترام أجال تسليم السلع المطلوبة
إلى أين مصدر ؟ …… و هذا يخص إيجاد حصص في الأسواق الدولية و الذي لا يمكن تحقيقه إلا بالمشاركة الدائمة في المعارض و الصالونات عبر العالم للتعريف بمنتوجاتنا و إقناع و إغراء المستهلك الأجنبي بأساليب الدعاية كما ان للدبلوماسية أيضا دورفعال في هذا المجال . من الضروري استعمال كل الوسائل المتاحة لاجل الولوج الى الاسواق الخارجية و افتكاك حصص منها و المحافظة عليها لان المنافسة شرسة و لا مكان الا للافضل من ناحية الجودة و السعر
لا يمكن الاعتماد على تصدير الفائض
لقد قلناها مرارا لا يجب ان نعتمد على تصدير فائض الانتاج لان ذلك غيرممكن و غير معقول ، المستهلك في الضفة الاخرى حريص جدا على جودة المنتوجات لتي بقتنيها خاصة الغذائية مها، منتوجاتنا الفلاحية الموجودة في الاسواق لا تفي بالغرض لانها و بكل بساطة تفتقد للمعايير التي تجعلها تتخطى حدودنا . ان المواد الموجهة للتصدير يجب ان تنتج لاجل ذلك و هذا يتطلب تتبع مسار انتاجها من الغرس الى غاية الجني و في هذا الصدد من الضروري ان يكون هناك عقد و دفتر شروط بين المصدرين و الفلاحين حتى تتم عملية الانتاج بالكيفية الصحيحة حسب معايير الدول المستوردة
انه ليس بالشيء الهين ان نتحصل على اسواق خارجية و خاصة الحفاظ عليها ان لم نبلور استراتيجية شاملة تبدأ من توفير عوامل الانتاج حسب المعايير التي تتطلبها تلك الاسواق، اتباع مسارها و اعطاءها الوسم و صفة الجودة و توفير ما تحتاجه من تعليب و توظيب حسب المعايير.
ضبط السوق الداخلي يساهم في ترقية صادرات المنتوجات الفلاحية
هناك ايظا متطلبات اخرى غير مباشرة من شأنها ان تلعب دور مهم في ترقية صادرات هذه المواد منها ضبط السوق الداخلي و مراقبة الأسعار و العمل على استقرارها، فان كانت أسعار هذه المواد مرتفعة في السوق الداخلي لا يجد المتعامل اي ضرورة لاجل تصديرها الى الخارج لأنه يكسب أكثر دون الدخول في دوامة التصدير
من الضروري ان تكون لصادرات المنتوجات الفلاحية تأثير ايجابي على ميزان المدفوعات للتجارة الخارجية لبلادنا و عليه فان ترقيتها أضحى أكثر من ضرورة و علينا كسب الرهان لتدارك الوقت الضائع و ان استطاعت صادرات المنتوجات الفلاحية أن تغطي واردات المواد الغذائية من حبوب و مسحوق الحليب، على المدى المتوسط، سيكون في حد ذاته انجاز ثمين.