27 أكتوبر، 2020
الحوار الجزائرية
المجلة

سفير أوكرانيا بالجزائر: الجزائر ثاني أكبر شريك اقتصادي لنا في إفريقيا

 

 

كشف سفير أوكرانيا لدى الجزائر د. ماكسيم صبح، أن الجزائر تعد ثاني أكبر شريك اقتصادي وتجاري لأوكرانيا في إفريقيا، كما عاد السفير إلى سرد ملخص عن 29 سنة من تاريخ أوكرانيا المستقلة، مع التعريج على أزمة القرم سنة 2014 والعلاقات مع روسيا والإتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي.

 

•حاوره / نورالدين ختال

 

  • كلمة سعادة السفير في الذكرى 29 لاستقلال أوكرانيا ؟

بداية يسرني أن أحتفل بهذه الذكرى ونحن على أرض الجزائر المضيافة، كل سنة ونحن شعب أوكراني نزداد ثقة بضرورة الحفاظ على الاستقلال وصون السيادة، في سنة 1991 استقلت أوكرانيا نتيجة تفكك الإتحاد السوفياتي، بنفس الوقت كانت هناك استفتاءات أجريت عبرت عن إرادة الشعب في الاستقلال وبناء دولة مستقلة، مهما تغيرت سياسة البلاد مع تعاقب الحكام والرؤساء يظل الشعب الأوكراني واثقا من ضرورة الحفاظ على وحدة بلاده وسلامة أراضيها واستقلالها.

إن الاستقلال الذي نعيشه منذ 1991 إلى يومنا هذا، ونتمنى أن يدوم هو أطول مدة نعيش فيها كبلد مستقل، وأوكرانيا حريصة على بقاء هذا الاستقلال ولن تتنازل عن شبر من أراضيها، وستبقى تدافع عن مصالحها، لأن الحرية والسيادة والاستقلال هي من أعلى القيم بالنسبة لأي بلد، نحن سعداء جدا بإحياء هذه الذكرى.

  • على ماذا تقوم سياسة أوكرانيا المستقلة ؟

تقوم سياسة أوكرانيا المستقلة على النوايا الحسنة، الدبلوماسية الهادئة، تغليب لغة الحوار، تسوية كافة النزاعات بالوسائل السلمية والدبلوماسية والمفاوضات، أوكرانيا لم تبادر من قبل إلى استعمال القوة من أجل حل خلافاتها، بلدنا تدعوا للسلام.

  • بعد تفكك الإتحاد السوفياتي كانت العلاقة مع روسيا ؟

بعد الاستقلال كانت لأوكرانيا علاقات متميزة مع جميع الدول الإتحاد السوفياتي السابق، بدليل أن هذه الدول شكلت (رابطة دول المستقلة)، للحفاظ على الوتيرة الإيجابية للتعامل في مختلف المجالات، بمواصلة التنسيق بينها، مع الوقت بدأت الأطماع الروسية تزداد، وتدخلت في الشأن السياسي والاقتصادي لعدد من الدول المستقلة، وفي أوكرانيا تدخلت روسيا عن طريق اللعب على ورقة اللغات والأقليات، من خلال الزعم أن حجم تداول اللغة الروسية لا يعكس نسبة المواطنين الناطقين بالروسية في أوكرانيا، هذه الأمور التي نعتبرها دخلا سافرا في شؤوننا الداخلية، وكنا نرفضها ونخاطب روسيا بالكف عن هذه الممارسات، وعلاقتنا مع روسيا كانت طيبة حيث اعتبرنا أن هذه الدولة الصديقة ستكون أحد ضامني السيادة الوطنية.

  • سنة 1994 وقعت أوكرانيا مع بريطانيا وروسيا اتفاقية بودابيست التي بموجبها تخلت عن الترسانة النووية، ألم تندم على ذلك في ظل التهديد الروسي ؟

بعد تفكك الإتحاد السوفياتي كان لدينا ثالث أكبر ترسانة نووية خلف روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، أوكرانيا وقتها كانت تعيش ضائقة مالية شديدة ما عقد من إدارة الأسلحة النووية، نحن منذ الاستقلال قررنا أن سياستنا الخارجية ستكون سياسة سلمية، وعدم الانحياز وعدم الدخول في أي تكتلات عسكرية إقليمية كانت أو دولية، وكنا نبني دولتنا على نمط النظام السويسي وكنا نتمنى أن تصبح أوكرانيا سويسرا أوروبا الشرقية، بلد محايد، يتمتع بعلاقات ممتازة وجيدة وليس له أطماع ولا يوجد له خلافات مع دول الجوار، لهذا رأينا أن التخلي عن هذه الأسلحة لن يضر بمصالح أوكرانيا القومية، شرط الحصول على ضمانات أمنية، فجاء هذا الاقتراح المبني على التنازل عن الأسلحة النووية في اتفاقية بودابيست مقابل أن تكون هذه الدول ضامنة لأمن أوكرانيا.

  • ما مصير الأسلحة النووية ؟

تم تفكيك معظم الأسلحة ثم تسليمها إلى روسيا، لأنها كانت طرف في تصنيعها على اعتبار أننا كنا ضمن الإتحاد السوفياتي، كل هذا تحت مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية والأمم المتحدة.

  • بعد الاستقلال عرفت أوكرانيا استقرار عكس كثير من الدول المستقلة.

جميع الحكومات وكل الرؤساء منذ الاستقلال ركزوا على المصالحة والوئام الوطني، أوكرانيا متعددة الجنسيات والعرقيات، ذلك أنها عبر التاريخ كانت حلبة صراعات بين الإمبراطوريات والمماليك، ثم حروب روسيا القيصرية ضد المملكة البولونية، الدولة العثمانية، المملكة السويدية، الإمبراطورية الفرنسية ثم الألمانية، ثم الحربين العالمية الأولى والثانية خلال القرن الماضي، هذه الجيوش عندما كانت تتوجه من وإلى روسيا كانت تمر عبر الأراضي الأوكرانية، وفي كثير من الأحيان كانت أوكرانيا ساحة القتال، وخلال الحرب العالمية الثانية كانت الوجهة أمام الزحف النازي، هذه الحروب والاحتياجات والمعارك خلفت تعدد عرقي ولغوي وقومي، بالنسبة للأقليات تعد الأقلية الروسية أكبر أقلية، وتعيش في البلاد أقلية بلغارية، يونانية، أرمنية، أذرية، بولونية، هنجارية، رومانية، بالإضافة إلى شعب التتر، يعود استقرار أوكرانيا إلى طبيعة شعبها، ثقافته وقدرته على التعايش، ودام هذا الاستقرار إلى غاية 2013.

  • ما الذي حصل سنة 2013 ؟

قامت ثورة الكرامة سنة 2013 بعدما خرج الشعب في الساحات والميادين والمدن الكبرى ضد نظام قرر التنازل عن سيادة أوكرانيا لصالح الدولة التي اعتدت علينا سنة 2014 والتي قواتها احتلت القرم وتدعم الانفصاليين في الشرق، في البداية حاول الرئيس قمع الثورة عن طريق القوة لكنه فشل ما دفعه إلى الهروب إلى روسيا مع عدد من الوزراء، تدخلت روسيا في شؤوننا الداخلية واعتبرت هذه الثورة انقلابا.

  • لماذا لم يتحرك الجيش في شرق أوكرانيا ؟

ما حصل في القرم هو اجتياح وغزو روسي، حيث قامت بإنزال قوات مهام خاص ضربت طوقا أمنيا حول جميع الثكنات العسكرية الأوكرانية المرابطة هناك، وهذه القوات لم تحمل شارات حتى لا يتم اتهامها من طرف المجتمع الدولي، لكن التقارير الإستخبارتية أثبتت أن القوات روسية، فكان أمام الحكومة الأوكرانية خياران، إما الدخول في مواجهة عسكرية مع روسيا وإما اللجوء إلى وسائل السياسية وطلب دعم الأسرة الدولية، وما أخر تحرك القوات أن الرئيس و الوزير الأول هربا إلى روسيا في آن معا، وحسب الدستور الأوكراني يستلم رئيس البرلمان السلطة في غياب الرئيس، غير أن فيكتور يانوكوفيتش كان فعليا وعمليا يحتكر المناصب الثلاثة رئيس الجمهورية، الوزير الأول ورئيس البرلمان، لهذا شكل هروب الرئيس صدمة كبير في إدارة البلاد.

لتدارك الوضع قرر ألكساندر تورتشينوف القائم بأعمال رئيس الجمهورية الامتناع عن الدخول في مواجهة مباشرة مع الروس، أولا لعدم تكافؤ القدرات والقوة، وثانيا لأن العقيدة العسكرية الأوكرانية لم تضع في الحسبان إمكانية حدوث اعتداء عسكري من طرف روسيا، لأننا كنا متأكدين أنه لا يمكن للشقيق أن يعتدي على شقيقه، للأسف هذا الذي حصل.

بعد هذا الاجتياح لجئت إلى ما يسمى بـ”الاستفتاء” من أجل السيطرة على القرم، ثم أجبرت الحكومة في القرم على إعلان انضمامها إلى روسيا، وهذا الموقف الرسمي لأكثر من 100 دولة صوتت لصالح القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة المتضمن عدم الاعتراف بضم روسيا للقرم.

  • يقال أن روسيا تدعم الانفصاليين في جورجيا هل تدعم أيضا الانفصاليين شرق أوكرانيا ؟

بكل تأكيد، روسيا لديها جيش نظامي موجود بشكل دائم على الأراضي الأوكرانية في محافظتي “دونيتسك ولوغانسك”، روسيا تدعم الانفصاليين عن طريق الاستشاريين العسكريين والمدربين بالإضافة إلى الدعم اللوجيستي والمالي الذي يكلف خزينة روسيا مليارات الدولارات، وعموم الشعب الروسي غير مطلعين على هذه الحقائق.

  • هل تقارب أوكرانيا مع حلف شمال الأطلسي ومع الإتحاد الأوروبي سببه الخلاف مع روسيا ؟

مسيرة التقارب بين أوكرانيا مع الإتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي كانت سنة 2004 بعد ثورة البرتقالية التي كرست القيم اليورو-أطلسية، وهذا ما جعل الرئيس السابق بترو بوروشنكو يتقدم بمبادرة إلى البرلمان الأوكراني من أجل ترسيخ هذه المبادئ في الدستور وهذا ما وافق عليه البرلمان الأوكراني في نهاية 2019، وأصبح الدستور يتضمن مادة تقول أن “التوجه الأوكراني نحو الانضمام إلى الإتحاد الأوروبي والعضوية حلف شمال الأطلسي لا رجعة عنه”.

  • تم الحديث عن أوكرانيين في ليبيا ضمن مرتزقة فاغنر الذين يدعمون قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر.

هذه الروايات تحتاج إلى تدقيق، لا يمكن تصديق كل ما نراه في الإعلام، في نفس الوقت أقول بسبب التدخل والسيطرة الروسية على بعض المناطق المحتلة شرق أوكرانيا له تداعيات سلبية على أمن وسلامة الدول غير المجاورة، إن صحت الأخبار المتداولة عن وجود مرتزقة أوكران ضمن شركة فاغنر الروسية في ليبيا، فهؤلاء ممن تحالفوا مع روسيا لمحاربة أوكرانيا.

  • ما هي جذور العلاقات بين البلدين ؟

نعتز بالعلاقات المميزة التي تجمعنا بالشعب الجزائري الصديق، العلاقات بين بلدين تمتد إلى ما قبل استقلال أوكرانيا سنة 1991، وخلال عملي بالجزائر التقيت وسمعت عن تجربة العديد من الأوكرانيين الذين عملوا في الجزائر وقت الإتحاد السوفياتي، في مجالات التعليم العالي، الطاقة، الفلاحة، الهندسة والطب، حتى في وقتها كانوا يؤكدون أنهم أوكران، كذلك الإطارات الجزائرية التي تخرجت من الجامعات السوفيتية التي أصبحت جامعات أوكرانية.

  • كم عدد الطلبة الجزائريين في أوكرانيا ؟

يزيد عن 1000 طالب حسب آخر الإحصائيات.

  • ما هي أبرز أوجه التعاون بين البلدين ؟

تعد الجزائر ثاني أكبر شريك تجاري واقتصادي لأوكرانيا في القارة الإفريقية بعد مصر، وهذا يعكس المكانة الهامة التي تحتلها الجزائر في القارة، لدينا تعاون جيد في مجال الفلاحة، وحاليا نركز على الشق التجاري والاقتصادي، حيث نسعى لوجود قوي للمستثمرين والشركات الأوكرانية، ونرى أن البيئة أصبحت أكثر ملائمة مع حرص الحكومة الجزائرية على تنويع الاقتصاد، الانفتاح، تبسيط الإجراءات الإدارية وإصلاح المنظومة المصرفية، هذه كلها تشجع المتعاملين الاقتصاديين. كما لدينا رغبة في تنمية التعاون في مجال الطاقة.

  • مؤخرا تم إلغاء التأشيرة عن دول الخليج العربي هل سيتم إلغاء التأشيرة عن الجزائريين أيضا ؟

نحن في بداية المشوار فيما يتعلق بالسياحة الجزائرية في أوكرانيا، لأنها لم تكن على قائمة الوجهات السياحية المعروفة لدى الجزائريين، وهي معروفة لديهم بتقديم خدمات جيدة في مجال التعليم العالي والصحة، بالنسبة لإلغاء التأشيرة أعتقد أن المبادرة التي قام بها رئيس أوكرانيا هي مبادرة شخصية، وهو أعطى التعليمات لوزارة الخارجية من أجل إعادة النظر في نظام التأشيرة على مبدأ المعاملة بالمثل، وإلغاء التأشيرة عن دول الخليج العربي جاءت خطوة ثانية سبقتها مرحلة أولى دامت سنتين وهي الحصول على التأشيرة عند الوصول إلى المطار، بالنسبة للجزائر والدول الأخرى التي لم يشملها القرار الجديد ممكن تكون البداية بالمرحلة الأولى وهي تأشيرة عند الوصول.

  • ما انطباعكم عن الجزائر بعد سنتين من تعيينكم فيها كسفير لأوكرانيا ؟

عملت سابقا في عدة دول عربية، وزرت تقريبا جميع الدول العربية، أستطيع أن أقارن، أقول أن التأقلم في الجزائر كان سهلا للغاية، وجدت نفسي بين أهلي وعائلتي ولم أشعر أبدا بغربة، وهذه السنة كنت متردد في إجازتي السنوية لكثرت ما تعودت على الجزائر، وهذا ما لم يحصل معي من قبل حيث كنت أتلهف للإجازة السنوية.

  • المناطق التي زرتها في الجزائر ؟

قبل جائحة كورونا بدأت بشكل مكثف، وكنت حريص على أن أبدا جولات ميدانية، وتلقيت الكثير من الدعوات، أول زيارة ميدانية خارج ولاية الجزائر كانت إلى البليدة ثم بومرداس، بجاية وقسنطينة.

  • ما هي أكلتك المفضلة في الجزائر ؟

في عصر العولمة تستطيع أن تجد المأكولات الشعبية في أي مكان، أكلتي المفضلة هي الكسكسي التي هي موجودة أيضا في أوكرانيا مع باقي المأكولات المغاربية لكن مع اختلاف النكهة.

أطروحتكم للدكتوراه كانت عن الخليج العربية هل ستترجم إلى العربية ؟

طلب مني ذلك عدة مرات، البداية كانت بالمشرف العلمي الذي طلب ترجمة أطروحة الدكتوراه إلى اللغة العربية، بعد نهاية عملي الدبلوماسي سأتفرغ لترجمة الدكتوراه التي تناولت دول مجلس التعاون الخليجي.

  • كلمة أخيرة ..

أهنئ نفسي وشعب أوكرانيا بهذا العيد، بعيد استقلال أوكرانيا، ونتمنى أن نراكم في حفل رسمي بمناسبة استقلال أوكرانيا إذا سمحت لنا الظروف الصحية المصاحبة جائحة كورونا.

مقالات متشابهة