20 سبتمبر، 2020
الحوار الجزائرية
اخبار هامة الحدث وطني

عن الأزمة الاقتصادية لسنة 1988:

  • كنا بعيدين عن إعلان حالة الإفلاس أسبوعين فقط..
  • كل الأضواء الحمراء اشتعلت.. في المؤسسات وفي كل مجالات الاقتصاد
  • كنا في حرب مع صندوق النقد الدولي رغم كل الضغوط التي مارسها
  • القذافي منحنا 885 مليون دولار حين رفض الجميع
  • الحكومة كانت تفتقد آنذاك حتى لوسائل النقل

 

يكشف محمد رضا مزوي، مستشار الراحل قاصدي مرباح، في هذا الحديث الذي جمعه بـ الحوار، عن كيفية تعامل الراحل مع الأزمة الاقتصادية والمالية التي مرت على الجزائر في ثمانينات القرن الماضي، وكيف عمل بخبرته على تدارك الوضع رغم رفض العديد من الدول إقراضه الأموال للحيلولة دون الإفلاس.

 

بحكم منصبكم كمستشار لوزير الحكومة الأسبق الراحل قاصدي مرباح، كيف واجهتم أزمة الثمانينات؟

الوضعية الاقتصادية للثمانينات نفس الوضعية التي نحن فيها اليوم، البترول انخفض سعره، والدولة تعتمد على الريع، والشعب آنذاك كان محتاجا، الأمر الذي جعلنا نلجأ للدول الخليجية التي كانت تأتي بعثتها السياحية المكونة من الأمراء للصيد في الصحراء الجزائرية، من أجل إقراضنا الأموال الكافية للخروج من الأزمة، إلا أنهم رفضوا ذلك، حتى وصل الأمر بالكويت للتعليق على طلبنا قائلة ”منسلفوش الدراهم للناس لي ميعرفوش يسيرو”، مما جعل البعض يقترح ببيع المديونية في السوق العالمية، أو بيع الذهب 4 طن، وهو ما رفضه قاصدي مرباح من أساسه، الأمر الذي جعلنا نطلب قروضا من بعض الدول متمثلة في السلع وليس في الأموال، لكي نكسب ثقة تلك الدول عكس الأموال التي تترك الدول تتخوف منك، لأنه لو كان لديك المال فستستورد من أي دولة، لكن قرض سلع يجعل الدولة ترتاح لك، حيث كان يتمثل دوري في إخبار رئيس الحكومة بالحقيقة فقط دون مجاملة، وبالمضي في جلب السلع من الدول التي أقرضتنا بدأت الثقة تعود شيئا فشيئا إلى الشعب.

 

كيف كانت نظرة قاصدي مرباح للحلول المخرجة من الأزمة؟

يبدو لي أن الراحل قاصدي مرباح كان له طموح في أن يصبح رئيسا، لأنه بقروض السلع استطاع كسب ثقة الشعب بعيدا عن شبح الأفامي، وهنا أشير إلى أنه كان هناك مستشار يأتي كل صباح بورقة زرقاء للراحل، والتي تحمل الميزانية الدقيقة الموجودة في البنك المركزي، حيث كان هو شخصيا يشرف على صرفها لإحداث التوازن اللازم على مستوى جميع القطاعات، من صحة ونفط المتمثل في سوناطراك، وهذا من أجل إعطاء لمحة للدول الكبرى على أن الجزائر تبذل جهودا لدفع ما عليها لكي لا يضغطوا عليها.

 

كم كانت تقدر الأموال الموجودة في الخزينة العمومية آنذاك وقت الأزمة؟

إفلاس تام، حيث كان يفصلنا عن إعلان حالة الإفلاس التام أسبوعان فقط، وهذا في سنة 1988 و1989.

 

ما هي الإجراءات التي اتخذتموها للخروج بحلول؟

  • عندما أصبحت السلع متاحة، عن طريق القروض السلعية، صرنا لا نظهر على أننا في حالة إفلاس، دون أن ننسى الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي الذي أقرضنا 885 مليون دولار التي كانت كافية لمدة سنتين تقريبا، بعد أن رفض الجميع إقراضنا الأموال.
  •  

هذا يعني أن أموال القذافي قد أدخلتنا في أريحية؟

نعم هذا صحيح، لكن الذين أتوا من بعد قرؤوا ذلك من جانب توازن السلطة، خاصة أنه أراد أن يصبح رئيسا، لأن أصعب منصب في الدولة هو منصب رئيس الحكومة أو الوزير الأول، وحين وصول إلى فترة راحة اقتصادية بحيث لا إفلاس والسلع متوفرة، هذا ما جلب لنا المشاكل، سواء على مستوى الرئاسة، أو حتى الخارج، لأننا اكتسبنا مصداقية.

 

ما هي الدول التي رفضت إقراض الجزائر الأموال في عز أزمتها؟

الدول التي كان يأتي أمراؤها للصيد في الجزائر، ومن بينها السعودية والإمارات، بالإضافة إلى الكويت.

 

كيف كانت نفسية قاصدي مرباح الذي كان يسير في مرحلة جد صعبة؟

هو شخص وطني حد النخاع، وكان يعمل ويأمل على الخروج من الأزمة، ولو ترشح آنذاك لفاز، وأنا بحكم دراساتي العليا في العلوم السياسية أخبرته أن أرضية السلطة بالنسبة له تتوسع، لكن على مستوى الرئاسة كانت تضيق، وهو ما حدث. بالإضافة إلى أنه كان يراقب بورصة ولستريت لمعرفة قيمة البرميل وقيمة النفط وقيمة الدولار، حتى ولو كان ذلك على 1 صباحا، حيث كان يأمرني بمكالمته في حال تغير يمس تلك القيم بحكم انه كان يتولى أمر الميزانية.

 

موقف أثر فيك حين كنت في الحكومة وحتى الرئاسة؟

كان عندنا مشكل نقص السيارات، تخيل أن رئاسة حكومة لا تمتلك الوسائل اللازمة للقيام بعملها، عندها قدمت استقالتي، إلا أن قاصدي اتصل بي عدة مرات ولم أرد عليه، ليتصل بي بعدها المستشار الاقتصادي ويطلب مني الذهاب إلى الإدارة العامة لأخذ سيارة، حيث قال لي بأن أطرافا تقول بأنني أسعى لكي أكون وزيرا، فذهبت إلى مرباح الذي أخبرني بأنه يريد تعييني كوزير، إلا أنني رفضت منصب وزير، كاشفا للراحل أن سبب استقالتي لا يتعدى حاجتي إلى سيارة.

 

كيف كنتم تتعاملون مع ضغوطات صندوق النقد الدولي؟

كنا في حرب مع صندوق النقد الدولي، رغم كل الضغوط التي مارسها، وحتى الاقتصاد في أوروبا يتم التحفظ على الجباية بالنسبة للأغنياء لأنهم هم من يبنون الاقتصاد بمالهم، حتى هنا في الجزائر بإمكانهم فعل ذلك عن طريق الأموال الموجودة خارج الإطار الرسمي بكسب ثقة أصحاب الأموال من أجل تنويع والرفع من الاقتصاد الوطني، ولو رأينا الصين مثلا كان اقتصادها كارثيا، إذا عدنا إلى ماركس نجده قال إنه ”توجد طبقات من الناس، وهذا عبر قرون وصولا إلى البرجوازية والشرفاء والعمال”، لكن ترك أصحاب المال يستثمرون شرط عدم ممارستهم للسياسة، كذلك الجالية التي أهملناها، فالصين مثلا اهتمت بجاليتها ما تركها تصل إلى مصاف الدول الكبرى، عن طريق ثلاث طرق، فتح الأبواب أمام العلماء والمهاجرين للعودة إلى بلادهم وتوفير كافة الأمور التي تساهم في زيادة إنتاجهم، كذلك عن طريق نقل الخبرات ولو لمدة محددة بمقابل، ثالثا بالقوة عن طريق الترهيب.

 

هل يمكن أن تقيم لنا في جملة الفترة التي كان فيها قاصدي مرباح رئيسا للحكومة؟

كل شيء في الأحمر، المؤسسات في الأحمر، الاقتصاد في الأحمر، كنا على وشك الانفجار، ولكن بقوته وحنكته استطعنا تجاوز ذلك، لأنه عمل من قلبه.

 

فاروق حركات

 

 

 

 

 

مقالات متشابهة