10 يونيو، 2020
الحوار الجزائرية
وطني

التخصصات التقنية.. الزوال!!

– يحياوي: لا يوجد تنسيق بين المنظومة الجامعية ونظيرتها الاقتصادية
– ميلاط: ستنقرض التخصصات التقنية في الجامعات الجزائرية
– مريان: حذف التعليم التقني جريمة للاقتصاد الوطني

في الوقت الذي تعطي فيه مختلف الدول أهمية بالغة للعلوم التقنية مقارنة بالتخصصات الأخرى، نجد ان هذه الأخيرة مهددة بالزوال من الجامعة الجزائرية، فإلى جانب تأثير القضاء على المتقنات على مستوى قطاع التربية بعد إصلاحات 2003، ها هي الأزمة الاقتصادية تجبر الشركات على غلق أبواب الشغل في وجه خريجي هذه التخصصات “المهمة”، فبين هاجس البطالة في دراسة العلوم التقنية من جهة وخطر انقراضها وهي أساس البحث العلمي من جهة أخرى، يدعو الى إعادة النظر في السياسة المنتهجة بصفة استعجالية.

الأزمة الاقتصادية تجمد تشغيل خريجي التخصصات التقنية

وفي سياق الموضوع، أكد المكلف بالتنظيم على مستوى النقابة الوطنية لعمال التربية “الاسنتيو”، قويدر يحياوي، أن التعليم التقني هو أساس العلوم والتكنولوجيا المتطورة التي تساهم في تقدم الدول، مضيفا ان توجه الطلبة في الجامعات لدراسة مثل هذه التخصصات يكون في الدول التي تملك اقتصادا قويا مبنيا على مؤسسات وشركات اقتصادية كبرى.
وأوضح يحياوي في تصريحه لـ”الحوار”، أمس، أن التخصصات التقنية في الجامعات تلقى أهمية كبيرة لدى الدول الأجنبية على عكس الجزائر حيث أضحى الحديث عنها يلوح إلى شبح البطالة، فبالنظر الى قلة المصانع الكبرى والشركات الاقتصادية في الجزائر، وفي ظل الأزمة الاقتصادية التي عصفت بهذه الأخيرة، وجعلت الكثير منها في وضع حرج، قال المتحدث ذاته إن هذا ما جعل الكثير يختارون تخصصات توفر منصب شغل يدر المال بعد التخرج على غرار تخصصات الطب والصيدلة وجراحة الاسنان، بالإضافة الى المدارس العليا للأساتذة، مردفا بالقول: “هذه التحديات أدت الى توجه الطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا من مختلف الشعب نحو المناصب التي توفر مناصب عمل خاصة على مستوى الوظيف العمومي كقطاع التربية”.
وفي الإطار، أبرز المصدر ذاته ان كل من توجهوا الى دراسة التخصصات التقنية في ظل غياب المصانع والمؤسسات الاقتصادية الكبيرة يعانون البطالة بعد تخرجهم، مؤكدا ان الواقع الاقتصادي ساهم بشكل كبير في جعل الطلبة ينفرون من هذه التخصصات التي بدأ تجنب اختيارها من السنة الرابعة متوسط، واعتبر يحياوي ان عملية اختيار التخصصات في الجامعة أصبحت لها نظرة محدودة وضيقة تقتصر على توفير منصب شغل، مضيفا بالقول أن الدول الأجنبية توجه النخبة من الطلبة والمتفوقين الى هذه التخصصات ولهذا يمكن اعتبار ان الخلل موجود في المنظومة الاقتصادية والجامعية كون هذه الأخيرتين متكاملتين لكن لا يوجد تنسيق بينهما حسب يحياوي.
وفي سياق متصل، عرج الناطق باسم نقابة “الأسنتيو” أن غلق المتقنات رسخ أن التعليم التقني ذو أولوية ثانية، مشيرا الى أن إصلاحات 2003 في قطاع التربية جاءت بإلغاء التعليم التقني متسائلا في هذا الشأن عن مصير التجهيزات التي كانت تتوفر عليها المتقنات على المستوى الوطني، لافتا الى أن الطلبة الحاصلين على معدلات دنيا قبل هذه الإصلاحات كانوا يوجهون الى دراسة هذه الشعب أما أصحاب المعدلات العالية فيتم توجيههم الى التخصصات العلمية، فيما نجد اقسام قليلة لا يتجاوز عدد التلاميذ بها 20 في الشعب التقنية في حين تشهد الأخرى اكتظاظ كبير على مستوى أقسامها المتعددة، -يضيف المتحدث ذاته-

بطالة ساحقة في أوساط خريجي العلوم التقنية..

توقع المنسق الوطني لنقابة أساتذة التعليم العالي والبحث العلمي “الكناس”، عبد الحفيظ ميلاط، أن يتم إلغاء تخصصات العلوم التقنية من الجامعات الجزائرية بطريقة غير مباشرة في حال ما تم الاستمرار على نفس السياسة التي تنتهجها الوصاية.
وقال ميلاط في اتصال هاتفي مع “الحوار”، أمس، أنه على بعد سنوات قليلة ستنقرض هذه التخصصات رغم أهميتها بالنسبة للجامعة الجزائرية كونها أساس البحث العلمي، موضحا أن الاقبال عليها بات شبه منعدم، مرجعا ذلك الى نسبة الرسوب العالية المسجلة في هذه المعاهد على مستوى طلبة السنة الأولى جامعي والتي تصل الى 90 بالمائة، الى جانب ان الدراسة في هذه التخصصات جد صعبة، ويتعين على الطالب ان يبذل جهدا كبيرا على خلاف التخصصات الأخرى، مركزا على سبب هام يكمن في هاجس البطالة الذي يتخوف منه خريجو هذه الجامعات، اذ ان فرص العمل تكاد تكون منعدمة، مردفا بالقول: “في كل دول العالم، نجد الفئة التي لها حظوظا اكبر في التوظيف هي المنتسبة للتخصصات التقنية على عكس الجزائر”.
وفي السياق، أكد المسؤول ذاته أنه ورغم تخفيض وزارة التعليم العالي والبحث العلمي من معدلات الالتحاق بمعاهد التكنولوجيا والعلوم التطبيقية لا زال الطلبة يرفضون التوجه الى هذه التخصصات، معلقا أن تحديد معدل 10 من 20 للالتحاق بهذه التخصصات هو إهانة لها، مضيفا أنه من المفروض ان تعمل الجامعة الجزائرية على تكوين الطلبة لتوظيفهم حسب حاجيات سوق العمل.
كما اعتبر ميلاط ان غياب التنسيق بين المؤسسات الجامعية والاقتصادية، بالإضافة الى تطبيق النظام الجديد “ال ام دي” بطريقة خاطئة، فضلا عن غياب نظرة استشرافية على مستوى الجامعة الجزائرية، إضافة الى وجود عشوائية في تحديد التخصصات وكذا سوء التوجيه، كل هذا يؤدي بالطلبة الى الوقوع في البطالة على حسب ميلاط، التي تصل الى نسبة 99 بالمئة فيما يخص خريجي الجامعات عامة، وهذه التخصصات على وجه الخصوص، مقترحا ان تقوم الوصاية بإبرام اتفاقيات مع المؤسسات الاقتصادية والصناعية، وتقوم بالتنسيق معها من خلال عقد شراكات حتى يتسنى للطالب المتخرج في هذه التخصصات الظفر بمنصب عمل.

اللجوء إلى خبرات أجنبية بدل تكوين تقنيين جزائريين!!

اعتبر رئيس النقابة الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي والتقني، مزيان مريان، حذف التعليم التقني بمثابة جريمة وضربة للاقتصاد الوطني، مضيفا أنه من غير المعقول ان لا يكون هناك تكوين للمهندسين التطبيقيين، قائلا: “قاموا بغلق المتقنات فأكل الصدأ مختلف التجهيزات التي كانت متوفرة فيها”.
وفي الشأن ذاته، أكد مريان ان الأزمة الاقتصادية التي تشهدها البلاد لها انعكاساتها على الشركات، وبالتالي على سوق الشغل، وهذا ما جعل الطلبة ينفرون من التوجه الى التخصصات التقنية في الجامعات تجنبا للبطالة بعد تخرجهم.
وفي تصريحه لـ”الحوار”، تساءل المتحدث ذاته عن لجوء معظم الشركات الجزائرية الاقتصادية الى خبرات اجنبية في هذه المجالات، في حين لا يتم تكوين كوادر جزائرية تقنية من اجل تنمية الاقتصاد المعرفي الوطني، توفير وتأهيل تقنيين استجابة لمتطلبات التنمية الاقتصادية المتوفرة في سوق العمل.

0.35% فقط من الطلبة موجهون إلى معاهد العلوم والتكنولوجيا التطبيقية

حسب النتائج الأخيرة لعملية توجيه الطلبة حاملي شهادة البكالوريا دورة جوان 2018 والتي كشف عنها وزير التعليم العالي والبحث العلمي الطاهر حجار الأسبوع الماضي، فإن عدد الطلبة الذين تم توجيههم الى معاهد العلوم والتكنولوجيا التطبيقية لم يتجاوز 889 طالب من بين 276 ألف و391 ما يعادل نسبة 0.35 بالمئة فقط.
هجيرة بن سالم

مقالات متشابهة