23 سبتمبر، 2020
الحوار الجزائرية
المجلة

إيقاف استيراد لوازم الأحصنة والترخيص لبناء مركز تدريب 

 

لا أحد صغيرا كان أم كبيرا،  ينكر حبّه للفروسية، وينفي رغبته في امتطاء حصان يوما ما، بل ويكون فارسا مغوارا كأجداده الذين صادقوا الخيول، وأحسنوا إليها ورعوها كما رعوا فلذات أكبادهم أو أكثر، حتى غدت جزءا منا، ومن يفتح كتاب تراثنا الثقافي والتاريخي، يقرأ قصائد شعر عن صانع أبطال الفانتازيا، ومعين المحاربين خلال الثورة، ورفيق المسافرين وناقلهم وأنيس العاشقين في لياليهم، مهمات متعددة الألوان والأشكال نجحت الخيول العربية والبربرية في آدائها، ما يجعلنا نتساءل، هل حفظنا الأمانة؟، وهل وفرنا لأحصنتنا الرعاية وسط هذا الزخم من المتغيرات الحياتية والعولمة؟، ولماذا فقد الحصان العربي والبربري جاذبيته في الخارج وحتى في وطنه الأم؟، وهل فعلا استيرادنا للخيول الأجنبية كانت سببا في  تخلينا عن الحصان العربي والبربري، مثلما قال لنا رئيس جمعية نادي الفروسية لبرج الكيفان، عبد الحليم بولكوارة، الذي استغاث بوزارة الرياضة وبالفيديرالية لحماية هذا الإرث، قبل أن يأتي يومٌ علينا ونتحسر على غيابنا في المنافسات الدولية كليا، ونبكيَ على أطلال الفنتازية.

تعشق الروح الحيوانات الأليفة وتراها جزءا من حياتها، لكن يبدو جليا أن للحصان مكانة خاصة، فهو الصورة الجميلة التي يحرص الجميع على التقاطها، والقصيدة الرائعة البهية التي تستميل إلهام الشعراء، فقد قال عنتر بن شداد “هلا سألت الخيل يا ابنة مالك ..إن كنت جاهلة بما لم تعلمي”. وقال ابن عباس رضي الله عنه “إذا ما الخيل ضيّعها أناس ربطناها فشاركة العيــــالا نقاسمها المعيشة كل يوم ونكسوها البراقع والجلالا”، ومدحها أبو الطيب المتنبي، قائلا “وأنزل عنه مثله حين أركب ..وما الخيل إلا كالصديق قليلة”.

كما أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل بعمق وأعزها وكرمها وأوصى بالعناية بها والمحافظة عليها، إذ قال: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة الأجر والمغنم»، وأوصى النبي الكريم بالركوب والرماية في الحديث الشريف «ارموا واركبوا الخيل وأن ترموا أحب إلي من كل لهو لها به المؤمن فهو باطل إلا ثلاث خلال رميك عن قوسك وتأديبك فرسك وملاعبتك أهلك فانهض من الحق».

____________________________

المدير التقني بفيدرالية الفروسية لـالحوار

الجزائر لا تربي الخيول

بدأنا استطلاعنا حول”الفروسية في الجزائر” من  الفيدرالية الوطنية للفروسية، هو تنظيم يهتم بكل ما يتعلق بالحصان والفرسان، سواء المنتمين لفرق الفنتازيا أو النوادي المشاركة في المنافسات الوطنية والدولية.

وحسب المدير التقني بالفيدرالية، لمين سمرة، فإن دورها يكمن في تطبيق القوانين من خلال مراقبة نشاط النوادي والإشراف على الامتحانات وتقديم الشهادات و إعداد البرنامج العام للمسابقات الوطنية والدولية المختلفة، كالقفز على الحواجز.

وتنظم النوادي، حسب لمين سمرة، كل أسبوع، مسابقات لاختيار أفضل فارس، لافتا إلى أن هذه المسابقة تحكمها قوانين متعلقة بالعلو والمسافة، وتقدم للفائزين في نهاية موسم البطولة الجوائز.

وحول ما إذا كانت الأحصنة العربية والبربرية، قد حققت رقما في القفز، مثلما حققته الأجنبية، قال لمين سمرة ” لم تحقق الأحصنة العربية والبرية رقما كبيرا في القفز، وأقصى علو لا يتجاوز الـ1 متر و40 سنيتم، بينما الأجنبية سجلت 1 متر و60  سنتيم، لذا أصبح ظهورنا في المنافسات الدولية محتشما”.

ويتجاوز،كما ذكر لمين سمرة، ثمن الأجنبية المشاركة في المسابقات الدولية  الـ 1 مليون أورو و، بينما يتراوح ثمن الحصان العربي والبربري في الجزائر بين 100 مليون و500 مليون سنتيم.

وعن تربية الأحصنة في الجزائر، قال سمرة ” نحن لا نربي الأحصنة، و بين 70 و80 بالمئة من خيول النوادي المشاركة أصحابها خواص، عكس ما كان عليه الوضع خلال الـ15 سنة السابقة”، كاشفا بالأرقام عن أكثر من 12 ألف حصان بربري في الفنتازيا، بينما يصل عدد أحصنة النوادي 1500.

________________

مدير جمعية نادي الفروسية لـالحوار“:

الفروسية ليست حكرا على الأغنياء

توجهنا إلى نادي الفروسية ببرج الكيفان في الخروبة، دخلناه وكان أول من استقبلنا تلك الأحصنة الجميلة التي كان تطل برأسها من الإصطبلات وكأنها كانت تنتظر بشغف فارسا يمتطيها ليصول ويجول بها المكان. لكن، صراحة أن تركب حصانا وتسير به مثلما تسير على قدميك فهذا مستحيل، بل ويستوجب تدريبات وتكوينا طويلا، شأنه شأن ركوب السيارة التي لا يستطيع أحد ركوبها إلا إذا  تدرب في مدرسة وحصل على رخصة سياقة، هكذا هو حال الحصان، فلا أحد يستطيع امتطائه إلا إذا تدرب أياما وشهورا وأصبح صديقه الوفي.

يكون السيد صالح بوسنة، مدير جمعية نادي الفروسية لبرج الكيفان، واحد من الفرسان الذي تربى وترعرع مع الأحصنة وقضى سنوات عمره رفقتها، حيث كشف لـ”الحوار”، عن حياة طويلة قضاها مع الأحصنة حتى أنه لا يمكن أن يفكر مجرد تفكير في تركها.

وكشف السيد بوسنة، بأن الجمعية تضم 150 حصان بربري وعربي، فيما تحصي 150 مشترك في النادي من إناث وذكور.

وبحسب السيد بوسنة، فإن “الإشتراك في الجمعية سهل، حيث بإمكان كل راغب في الفروسية، تقديم الملف ودفع مبلغ مالي سنوي لا يتعدى الـ8000دج، و مبلغ شهري لا يتجاوز الـ2000 دج”، لافتا إلى أن المبلغ السنوي وحتى الشهري رمزي. وتابع “لو رفعنا الأسعار لحرمنا الكثير من الشباب والفتيات من ممارسة هواية ركوب الخيل، لذا  فالفرسان ينتمون للعائلات البسيطة والمتوسطة الدخل وليسوا من عائلات ثرية أو ميسورة الحال مثلما يشاع”.

وتقدم الجمعية،كما يقول المدير: ” 6 دروس خلال الشهر ، أي أن يدفع 300 دج لتلقي درسا واحدا، حيث تقدم دروس حول كيفية ركوب الحصان وكيفية ترويضه وقيادته وكيفية النزول منه وماذا يرغب وكيف يعالج، أي نخلق بينه وبين الخيل نوعا من المودة والثقة وأيضا نعلمه”.

وتمول الجمعية،كما استفيد من  المسؤول نفسه، من الخواص ومن الوزارة الوصية، لأنها جمعية غير تجارية بل نفعية. وتضم الجمعية 15 حصانا  للخواص، حيث يدفع أصحابها 2 مليون سنتيم شهريا، مقابل المأكل والمشرب من دون الحديث عن المعالجة والتنظيف الذي يكون على عاتق الجمعية.

واشتكى مدير الجمعية من ضيق مساحة التدريب التي لا تتجاوز الـ1 هكتار،كاشفا أن التدريب كان في السابق بالمحمدية، وعلى مساحة 4 هكتار ، تضم أربعة 4 ميادين للتدريب، وعندما أعلن عن إنجاز مشروع الجامع الأعظم تم ترحيلهم  إلى الخروبةكحل مؤقت، غير أن هذا لم يحدث، حيث مرت عشر سنوات دون أن ينتقلوا لمركز أوسع.

_______________________

عبد الحليم لكوارة رئيس جمعية نادي الفروسية لبرج الكيفان:

نطالب برخصة لبناء مركز تدريب أفضل

” الحصان هو رفيق عمري”، هكذا وصفه رئيس جمعية نادي الفروسية لبرج الكيفان، عبد الحليم لكوارة، الذي يعيش مع الخيول منذ أن كان عمره 8 سنوات، أي منذ 50 سنة، وكأنه عائلته الثانية، لا يفارقه إلا ليلا، وما إن يأتي الصباح يتوجه مباشرة إلى الجمعية ليعيش مغامرة جديدة من مغامراته مع ركوب الأحصنة بطعم جديد وأمل فريد مع منخرطين جدد في الجمعية، يحبون الخيول ويعشقون ركوبها.

وحسب رواية  السيد لكوارة، فإن الحصان الأصيل البربري كان في السبعينات يتغلب على الأجنبية ومثّل الجزائر في مسابقات دولية، منها في روما وفاز، ولكن بعدما أصبحنا نستوردها تخلينا عن أحصتنا.

ويذكر رئيس الجمعية، بأنها تأسست سنة 1963، وكانت تضم شخصيات مهمة، منها الكولونال آيت ايدير،كما كان يخضع للحرس الجمهوري.

ويحكي رئيس الجمعية، بأن المركز كان موجودا ببلدية المحمدية، وفي سنة 2008 تم ترحيلهم إلى الخروبة، مركز سباق الخيول.

ومع أنهم -كما كشف- استفادوا من قطعة أرض لبناء مركز جديد بحي قادي ببرج الكيفان، إلا أنهم عجزوا عن ذلك، داعيا الجهات الوصية إلى منحهم رخصة البناء ودعمهم بممولين قصد مساعدتهم على بناء مركز جديد.

وتحصي الجمعية 350  فارس قبل سنة 2008، بينما انخفض العدد إلى 250  فارس، ما يعني أنهم – كما يؤكد- فقدوا  100 فارس بسبب المركز الضيق.

وقال رئيس الجمعية “هدفنا ودورنا تربية النشأ، لكن مع الأسف ضيق المركز  ووجوده وسط فرسان سباق الخيول أعاق تحقيق مسعانا”.

وعن دور مديرية الشباب والرياضة لولاية الجزائر، قال عبد الحليم لكوارة “هي تبذل قصارى جهودها لمساعدتنا، ولكن المقابل المالي الذي تعطينا إياه سنويا، والذي لا يتجاوز الـ80 مليون سنتيم لايحل مشاكلنا”.

_____________________________

السيد ابراهيم بن بريكة:

دعمنا ضروري لنتوقف عن استيراد لوازم الأحصنة والفرسان

يجهل الكثير عن حرفة صناعة لوازم الأحصنة والفرسان في الجزائر وإصلاح السروج، حتى أن عدد الناشطين في الجزائر يعدّ على الأصابع.

ويكون السيد ابراهيم بن بريكة، أحد أقدم صانعي لوازم الأحصنة والفرسان، وهو جامعي، درس السنة أولى كطالب جذع مشترك في البيطرة،  لكنه لم يكمل واتجه لممارسة حرفة صناعة الأحذية أيام الحقبة الاستعمارية مع “أندري”.

بعد الاستقلال، مثلما يحكي ” لم يبق في المعمل إلا عاملين فقط، ليفتحوا محلا لصناعة الأحذية، فالتحقت بهم، وبعد سنوات من العمل فكرت في تغيير الحرفة، وشيئا فشيئا استمالتني حرفة صناعة السروج وتصليحها، ثم صناعة لوازم الأحصنة والفرسان”.

ويقول السيد بن بريكة ” أنا الوحيد ممن يصنعون لوازم الفرسان والأحصنة وتصليح السروج، حيث تأتيني الطلبات من مختلف ولايات الوطن”. وعن مطالبه، يقول المتحدث نفسه “أطالب الحكومة بتدعيم حرفة صناعة لوزام الأحصنة والفرسان حتى نحد من نسبة الاستيراد، وأيضا أطالب بفتح  فرع لتدريس هذه الحرفة بمدارس التكوين المهني”، والشيء الذي يقف في وجه – حسبه- ” المحل  الضيق حتى أنه لا يتسع لآلات الخياطة، ولا يسمح لي بتوسيع نشاطي وجلب مساعدين وعمال آخرين”، داعيا  إلى منحه محلا أوسع وإعطائه شهادة العمل، لاسيما وأنه يحوز على بطاقة وجود.

 

استطلاع: مليكة ينون

 

المجلة

مقالات متشابهة